سوف تدنيك من لميس سبنتاة ... أمارت بالبول ماء الكراض
ولا تجزع أيها القاريء من ذكر "البول" فلم يكن زمان هذا الرجل كزماننا.
وأضمرته عشرين يومًا ونيلت ... يوم نيلت يعارة في عراض
الضمير في أضمرته يعود على ماء الفحل، وقوله: "يعارة في عراض" يعني كرها وتزعم العرب أن ذلك من دواعي النجابة. وفي أخريات القصيدة:
إننا معشر شمائلنا الصبر ... إذا الخوف مال بالأحفاض
نصر للذليل في ندوة الحـ ... ـي مرائيب للثأي المنهاض
لم يفتنا بالوتر قوم وللضيـ ... ـم رجال يرضون بالإغماض
فسلى الناس إن جهلت وإن شئـ ... ـت قضى بيننا وبينك قاض
هل عدتنا ظعينة تبتغي العـ ... ـز من الناس في القرون المواضي
كم عدو لنا قراسية العـ ... ـز تركنا لحمًا على أوفاض
وجلبنا إليهم الخيل فاقتيـ ... ـض حماهم والحرب ذات اقتياض
فهذا الكلام كما ترى جزل فصيح كريم الألفاظ.
ولم يخف على أبي تمام وهو من هو في تذوق الشعر ما لهذه الضادية الطرماحية من رنين وجلجلة وفخامة، فجاراها بكلمته (١):
بدلت عبرة من الإيماض ... يوم شدوا الرحال بالأغراض
وقد تفصح فيها وتعمد الفخامة حتى تكلف في بعض قوله نحو:
ما شددت الأكراب في عقد الأو ... ذام حتى أردت ملء الحياض
(١) ديوانه ١٤٠.