وقوله «عادية» فيه رجع من صوت «والعاديات» - وقوله «فتيان عادية» فيه معنى الشباب إذ الفتوة مع الشباب. وكما الآن هو محارب «قديم»[كما يقال الآن في زماننا هذا] لقد كان من قبل محاربا فتى، فهو يحرك قلوب الفتيان بما يقص عليهم من نبأ أيامه اللاتي مضين.
ولعمري ما أنصف إذ قال:
ولا لذات للشيب
والجاحظ أدق منه إذ ذكر أن الحديث من لذات أهل السن أو لا لذة لهم سواه، وهذا الذي أقبل عليه سلامة من حر القول ومنخوله أيما لذة-
تأمل تجاوب أصوات الألفاظ وألوان التكرار- الطعان وهاءات نهنهها- همت- هما- صم- صدقات- مصقول- وتكراره أسنتها في مصقول أسنتها وفي يجول أسنتها وهي بقريب من معناها.
ثم انظر إلى قوله: لا مقرفين ولا سود جعابيب
وكان حرص العرب على الأنساب كالجنون بأمرها، وكان السود فيهم غير قليل، وذلك أن عنصرا من السود لهم أصل في جزيرة العرب، وصلة الحبشة باليمن قديمة.
وقال كعب:
إذا عرد السود التنابيل
وقال النابغة:
ليست من السود أعقابا
وقال الأخطل: -
فإن نرض عن حمران بكر بن وائل ... فليس لنا سودانها بصديق
فلم يرض لا عن الحمران ولا عن السودان كما ترى
وقال جرير: أراب سواد لونكم أرابا
وقال عقيل بن علفة:
رددت صحيفة القرشى لما ... أبت أعراقه إلا احمرارا
وقال الفرزدق يهجو إبراهيم بن عربي وإلى اليمامة وكان أسود يلبس ثيابا بيضا
ترى منبر العبد اللئيم كأنه ... ثلاثة غربان عليه وقوع
يعني وجهه وكفيه. ونحو من هذا هجي به المغيرة بن شعبة، قال الشاعر فيه: