وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
وقال الفضل بن العباس اللهبي:
وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة من لون العرب
ففر من السواد وجعله خضرة
ولشدة عصبية العرب من كان منهم أسود عد عروبة نسبه بياضا، وعلى ذلك قول عنترة:
إني امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بالمنصل
وقال عبد الرحمن بن عوف وهو من المبشرين ومن أهل الشورى لبلال وهو من المهاجرين السابقين الأولين رضى الله عنهم أجمعين في يوم بدر يا ابن السوداء، وما قال ذلك إلا عن مودة له بلا ريب، وذلك حين رغبة أمية بن خلف في الفداء، وكان من صناديد أهل الكفر، فأبى الله أن ينجو- وكان بنو جمح رهط أمية خضرا- أصل سوادهم من عرق هندي كما في لامية أبي طالب:
بنو أمة محبوبة هندكية ... بنو جمح عبيد قيس بن عاقل
وقد نسبهم أبو طالب هنا إلى سفاح من أصل رق.
ولعصبية العرب في الأنساب والألوان وكثرة مطاعنها بعضهم في بعض حذرهم الدين من أمر الجاهلية ونهاهم عن دعواها وقال تعالى:{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}.
وما قطع كتاب من كتب الحكمة والدين منزل من السماء أو من عمل الفلاسفة فيما بين افلاطن واكويناس وروسو وماركي بمثل ما قطع به القرآن في هذه الآية من الحجرات وفي آية فاطر {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفًا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور} - فالنبات والحيوان والجماد والناس أصلهم كلهم هذه الأرض وهم سواسية في الأصول سواسية فيما يتفرع منهن من الألوان.
هذا وقول سلامة بن جندل:
لا مقرفين ولا سود جعابيب
كأنه يعيب بالأول ربيعة لمداناتهم الفرس والروم وبالثاني أهل اليمن وتهامة لمداناتهم بلاد السودان.