ثم استمر في تكرار السين وأسنة والسن
سوى الثقاف قناها فهي محكمة ... قليلة الزيغ في سن وتركيب
زرقا أسنتها حمرا مثقفة ... أطرافهن مقيل لليعاسيب
اختلفوا في تأويل اليعاسيب والظاهر أنهم يقتلون بها الرؤساء ويرفعون رؤوسهم ويعسوب القوم سيدهم، ولا يغب عنا الإلغاز الخفي بين اليعاسيب وبين الرماح العواسل أي التي تعسل أي تهتز
وتأمل القاف: قناها- الثقاف- قليلة- زرقا- مثقفة- مقيل
كأنها بأكف القوم إذ لحقوا ... مواتح بير أو أشطان مطلوب
قوله «أشطان مطلوب» تخصيص بعد تعميم أي كأنهن حبال الآبار- لا بل حبال هذه البئر التي تعلم
كلا الفريقين أعلاهم وأسلفهم ... يشقى بأرماحنا غير التكاذيب
بعد أن أمتع بصفة الخيل، أمتعنا بصفة القتال، وبعد أن كان الكلام عاما: «يجلو أسنتها فتيان عادية» جعله أخص فدلنا على أنه هو الذي ثقف القناة بين آخرين مثله من قومهم ثقفوا قناهم ثم أشرعوه إذ قاتلوها به ثم لحقوا العدو وقتلوا الرؤساء وكأن أرماحهم أشطان مطلوب
ونستفيد التخصيص من قوله في آخر الصفة
كلا الفريقين أعلاهم وأسفلهم ... يشقى بأرماحنا غير التكاذيب
فهذه نون الجمع المتكلم وهو منهم بل هو شاعرهم الناطق بلسان حالهم، ثم نعلم أنه كان مشاركا في القتال ومجده كل المشاركة بقوله:
إني وجدت بني سعد يفضلهم ... كل شهاب على الأعداء مشبوب
وإنما وجد ذلك عن تجربة. وكشف عن أن الذين تحدث بلسانهم هو بنو سعد فأنت ترى كيف هذا التدرج الذي تدرج به هذا الفارس المحارب «القديم» من بكاء الشباب في قوله: «أودى الشباب» وادعاء «أن لا لذات للشيب» إلى قصة خبر بلائه أيام شبابه وتلذذه بذلك وطربه إلى مآثر قومه ومجدهم الذي هو من بناته، ثم لما أقر هذا المعنى عند سامعيه، خلص إلى الفخر ببني تميم ثم ببني سعد قومه ثم جعل الفجر بضمير المتكلم الجمعي، كنا وكنا ونحن الآن كذا كذا
إني وجدت بني سعد يفضلهم ... كل شهاب على الأعداء مشبوب
إلى تميم حماة العز نسبتهم ... وكل ذي حسب في الناس منسوب
أي كل ذي حسب منسوب في بني تميم وهم الناس كل الناس