ثم وصف عينها- وفيها أيضا من حال تلك التي بكت ثم أعرضت لأنها عين تمتحن وتراقب كعين من يفيض قداح الميسر
بعين كعين مفيض القداح ... إذا ما أراغ يريد الحويلا
أراغ أراد، الحويل، الاحتيال
ثم وصف الأذن والصد ثم مرت، وصار بعد إلى الإشعار بالجد والتشمير
وحادرة كنفيها المسيح ... تنضح أو بر شثأ عليلا
هذه أذنها يسيل منها العرق على وبرها- والصورة منتزعة من مبادرة الدموع التي مرت.
والأوبر هنا في مقابلة الخد الأسيل، فيا لذلك، كما ترى، من بديل:
وصدر لها مهيع كالخليف ... تخال بأن عليه شليلا
زعم الأصمعي أن بشامة أخطأ. قال الشارح قال الأصمعي: قد أخطأ في هذه الصفة لأن من صفة النجائب قلة الوبر والانجراد، وإنما توصف بكثرة الوبر الإبل السائمة ولا توصف بالوبر نجيبة عتيقة كريمة.
قلت أصاب الجاحظ إذ أخذ على اللغويين ما أخذ. وللأصمعي من هذه مشابه، إذ قد مر عليك مثلا ما أخذه على المرار حيث قال في صفة النخل:
كأن فروعها في كل ريح ... جوار بالذوائب ينتصينا
ولولا أن الأوائل تعقبوا أبا سعيد للزمنا أن نتهيب مكانه، قال الشارح قال أحمد: غير الأصمعي يقول لم يخطئ الشاعر الوصف لأنه لم يرد الوبر وإنما أراد أن جلد صدرها يموج من سعته، فلذلك قال شليلا، وهو كساء أملس ولم يرد الشاعر الوبر، إنما أراد سعة الصدر ولو أراد الوبر لقال: تخال بأن عليه خميلا، فالشاعر قد أجاد والمتأول عليه أنه أخطأ الوصف هو أخطأ وهذا مستحب في وصف الإبل والخيل، حتى كأن عليه شليلا أي كساء يضطرب من سعته. وقال غيره المهيع الواسع الإبط والخليف طريق في المنحني. قال كاتب هذه الأسطر غيره هنا لا يعني غير أحمد أو غير الأصمعي ولكن يرد ذلك إلى قوله في أول الشرح المهيع الواسع والخليف الطريق- (وانظر الشرح الكبير ص ٨٤)