ينوبها الناس أفواجا إذا نهلوا ... علوا كما عل بعد النهلة النعم
ثم قفز به تداعي المعاني من تذكر الفتيان وكرمهم إلى تذكر الفتيات وفتاة بعينها منهن زاره طيفها-
زيارة طيفها هي التي أثارت في نفسه بغض الاغتراب فذم صنعاء وما حولها وتمنى لو يعود- بدأ بذكر الفتيان للموازنة بينهم وبين ما كره من صنعاء، وكان أنسب أن يبدأ بذكر الرجال.
ثم كأن أمر الطعام والجفان صحبه تداعي المعاني الذي جر إلى ذكر النساء ثم إلى ذكر امرأة منهن بعينها. ثم إلى أن جاء بما شأنه أن يكون مقدمة نسيبية في موضع الرحلة، لأن الطيف يزور مع الرقاد، وهو قد نزل لتعريس الفجر هنا فطرقه الخيال-
زارت رويقة شعثا بعد ما هجعوا ... لدى نواحل في أرساغها الخدم
النواحل هي الرواحل وقد كدها السير. والشعث عنى به أشعث واحدا هو نفسه، ولكنه جاء بالجمع ليناسب ما كان فيه من قصة فتيانه الكرام الذين بوادي أشي. فقد صاروا الآن معه في السفر. ولا يكون هذا الفتى الكريم ذو الجفان المكللة، الذي تحب زوجات أقوام حلائله إلا إياه هو
هذا يبين به قوة طروق الطيف وحيوية ما رأى من شخصه- ثم انتقل إلى تصوير من باب أوصاف الغزل، جعله في مقابلة ما كان من وصف الفتى الهمام الكريم:
وكان عهدي بها والمشي يبهظها ... من القريب ومنها النوم والسأم
وبالتكاليف تأتي بيت جارتها ... تمضي الهويني وما يبدو لها قدم
وهذا جمع به بين صفة صاحبة الأعشى، وصفة ما ينبغي أن تكون عليه المرأة المحتشمة، وهذا من جهة الوصف لخلقها وشيمتها فيه من الجمع بين المتباينين، المشي المتأنث حتى إنه ليبهظها والتحفظ الذي يسبغ الستر حتى على القدم، كما بين جمعه في الرائية: