بين صفتي البادنة والهيفاء
ثم يقول، وكأنه جعله رمزا لنجد وللفتيان معا، واستمرارا في ذم صنعاء:
رويق إني وما حج الحجيج له ... وما أهل بجنبي نخلة الحرم
لم ينسني ذكركم مذ لم ألاقكم ... عيش سلوت به عنكم ولا قدم
ولم تشاركك عندي غانية ... لا والذي أصبحت عندي له نعم
وهذه مناجاة رقيقة وشكوى من روح عفيف ذي صدق في المودة. ثم فيها من جهة الصنعة رد لعهده من صاحبته على مثل حال الوفاء التي ذكر في حديثه عن أصحابه الفتيان حيث قال: -
لم ألق بعدهم حيا فأخبرهم ... إلا يزيدهم حبا إلى هم
وصدقه في صبابته وقسمه لرويقة أنه لم تشاركه في حبه لها غانية بعد إذ نأى، دعا إلى تمنى العودة- فبدأ بذكر الشقراء يجعلها في مقابلة صنعاء ثم عدد مواضع بعدها مما يحب:
يا ليت شعري عن جنبي مكشحة ... وحيث تبنى من الحناءة الأطم
مكشحة موضع باليمامة والأطم الواحد والجمع الآطام وأطم وأحسبه هنا أراد الأطوم ثم أزال الإشباع وكانوا مما يفعلون ذلك، ويدلك على هذا تأنيثه الفعل: «وحيث تبنى» والأطم المفرد مذكر. وأراد التنبيه إلى آطام جنبي مكشحة من اللبن والرمل، ولكن أبنية صنعاء من الحجر. فهو يحن إلى حيث «تبنى الأطم» لا من الحجر، وتلك دياره
يا ليت شعري عن جنبي مكشحة ... وحيث تبنى من الحناءة الأطم
عن الأشاءة هل حالت مخارمها ... وهل تغير من آرامها إرم
وجنة ما يذم الدهر حاضرها ... جبارها بالندى والحمل محتزم
الجبار طوال النخيل
فيها عقائل أمثال الدمى خرد ... لم يغذهن شقا عيش ولا يتم
فجعل الأشاءة في مقابلة أشي وأنث وجعل جنتها فيها عقائل حسان كما في جنان الفردوس. وهؤلاء العقائل في مقابلة ما بدأ به من ذكر الفتيان. ثم انتقل إلى ذكر