ما ذنبنا في أن غزا ملك ... من آل جفنة حازم مرغم
من قصيدة أخرى، لصح القول بأن الأبيات السبعة عشر الأولى قصيدة رثاء. وهل يصح أن يقال هما قصيدتان منفصلتان ضمهما الرواة معا لمجرد تشابه الروي والوزن؟
ولقد قطع ابن قتيبة بأن هذه الميمية ليست بأهل أن تختار. واختيار الأشياخ قبل زمانه لها عمن اختاروها من أشياخهم يدفع ما ذهب إليه كل مدفع.
وآخر القيدة فيه أنفاس الحزن والتفكر والحكمة كأولها وذلك قوله:
لسنا كأقوام مطاعمهم ... كسب الخنا ونهكة المحرم
مع كون هذا فخرا فإنه مداخلته أنفاس حزينة تتأسف على كسب الخنا هذا وتتأسف على نهكة المحرم
إن يخصبوا يعيوا بخصبهم ... أو يجدبوا فهم به ألأم
وها هنا مرارة وهجاء. ولا ريب أنه عنى بني تغلب. والمشعر لنا بالحزن أن هاهنا خطيئة وندما
عام ترى الطير دواخل في ... بيوت قوم معهم ترتم
هل أكلوا الرمم أو أكلوا من لحم ميت؟
ويخرج الدخان من خلل الستر كلون الكودن الأصحم
الكودن ردئ من الخيل فجعل الدخان يتسرب بطيئا كمشية هذا الكودن الذي ليس بعربي
حتى إذا ما الأرض زينها النبت وجن روضها وأكم
فهذه هي الصورة التي وصفها حين وجد الديار خلت من أهلها مع عموم الخضرة والنوار لها- فهذا الجزء من القصيدة مرتبط بالذي تقدم.
ذاقوا ندامة فلو أكلوا الخطبان لم يوجد له علقم
فهم قد بغوا فأوحشت الديار وذهبت النعمة وقتل الفتيان وجاءت الثارات مكان عيش الائتلاف. والراجح أنه يشير هنا إلى ما كان من إسراف المهلهل وتجاوزه مقدار ما يوجبه القصاص
لكننا قوم أهاب بنا ... في قومنا عفافة وكرم
أموالنا نقى النفوس بها ... من كل ما يدني إليه الذم
هذا في الفداء. ولكنا نقاتل إذا لزم الحفاظ. ولكن الشاعر يتذكر عهد القتال هنا بمثل