هؤلاء جاءوا بيضا مصاليت أهل شر، عقبان نهب وقتال، فانقض عليهم ملك الحيرة ومعه جيشه الكثيف وناصره من رهط المرقش
فانقض مثل الصقر يقدمه ... جيش كغلان الشريف لهم
أي ضخم كثير
إن يغضبوا يغضب لذاك كما ... ينسل من خرشائه الأرقم
ويجوز أن يكون هذا في وصف ملك جفنة الغازي ومعه جيش قراضيبه الذي هداهم بالأسودين أي التمر والماء ليكونوا أحرص على الحرب والنهب وقيل في الأسودين غير هذا.
وعلى الوجهين فالقصيدة خطاب مديح للملك ضمنه الشاعر أسى على ذهاب الشباب وتذكرا لابن عمه القتيل وللثارات والإحنة بين قومه والمهلهل. وألحق الحكمة بمعنى الحزن والتأمل في ما صارت إليه حال ابني وائل بعد أن بغى بعضهم على بعض. وكأن قد وقف بالذي قاله عند الملك موقف الحكم، فهذا قوله:
يأتي الشباب الأقورين ولا ... تغبط أخاك أن يقال حكم
والأقورين ملحق بجمع المذكر السالم أي الدواهي
وتأمله في ميمية المرقش هذه ترينا أن جوهر موضوعها يدور حول خصومات حرب البسوس وما كانت تلجئ إليه ملابساتها من التهادن والاحتكام والغدر والتربص وما إلى ذلك من حين إلى حين
ومما يشعر بمعنى الأسى والأسف على فوت الشباب قوله:
لا يبعد الله التلبب والغارات إذ قال الخميس نعم
نعم أي إبل نغير عليها ونسوقها
والعدو بين المجلسين إذا ... ولى العشى وتنادى العم
وقد نظر زهير بن أبي سلمى في معلقته:
أمن أم أوفي دمنة لم تكلم
وقد قابل بين صفة الظعائن التي في أول القصيدة، وبين ذكره الحرب الذي جاء به بعد قسمه. وقد أضمر ذكر الرحلة إذ وقوفه حيث وقف دلنا على أنه مرتحل، وهو المذهب، يدلك مثلا قول عنترة.