للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقفت فيها ناقتي وكأنها ... فدن لأقضى حاجة المتلوم

ثم قسمه بالبيت يدل على أن رحلته كانت إلى البيت، وكانت عهود الصلح وما أشبه تعقد عند الموسم.

وقوله:

فلما وردن زرقا جمامه ... وضعن عصي الحاضر المتخيم

وهذا مشعر بالأمن والرفه، يوازنه ويناسبه ما قاله من بعد:

وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا ... بمال ومعروف من القول نسلم

وقوله:

رعوا ظمأهم حتى إذا تم أوردوا ... غمارا تفرى بالسلاح وبالدم

فهذه غير قوله: «وردن الماء زرقت جمامه»

فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا ... إلى كلأ مستوبل متوخم

وقد جمع زهير في طريقة ربطه بين ضروب من التدرج وتداعي المعاني والمقابلات وغير ذلك، لقوته في منهج القريض وافتنانه ومن نظره إلى المرقش، تفكره في أمر المنايا- قال المرقش

يرقاه حيث شاء منه وإما تنسه منية يهرم

فهذا قول زهير من بعد

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم

وفي زهير أسف كنين على هؤلاء الذين أصيبوا في تلك الحروب. وهو ممن أنسأته الأيام فهرم وسئم ووقف موقف من يقال له حكم ويغبط ولو فطن الفاطن لوجب ألا يغبط:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

وحذا زهير أمر حصين على غزوة الملك الذي غزا في ميمية المرقش وذلك حيث قال:

لعمري لنعم الحي جر عليهم ... بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم

ولم يستغو حصين أحدا ولكنه قال أن سيفعل ذلك:

فشد ولم يفزع بيوتا كثيرة ... لدي حيث ألأقت رحلها أم قشعم

وقال: سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألف من ورائي ملجم

وقوله «أم قشعم» فيه معنى الصقر، لأن القشعم من نعوت النسور وهو في ميمية

<<  <  ج: ص:  >  >>