ومنهل آجن في جمه بعر ... مما تسوق إليه الريح مجلول
كأنه في دلاء القوم إذ نهزوا ... حم على ودك في القدر مجمول
أي مذاب. فهذا من نعوت الفتوة وليس من نعت السير إلى القادسية إذ لا ينبئ عن تمام الاستعداد للحرب، وإنما جازف خالد حيث اجتاز بادية الشأم ففاجأ الروم على غير توقع منهم لمقدمه. وسيذكر عبدة في صفة سير الجيش أنهم كان معهم الماء وذلك قوله:
ثم ارتحلنا .....
وقوله ثم منبئ عن تراخي الزمان، أي هذا غير ذلك الارتحال إلى الماء الآجن الذي في جمه بعر:
ثم ارتحلنا على عيس مخدمة ... يزجي رواكعها مرن وتنعيل
يدلحن بالماء في وفر مخربة ... منها حقائب ركبان ومعدول
فهذه صفة جمع كبير
نرجو فواضل رب سيبه حسن ... وكل خير لديه فهو مقبول
رب حبانا بأموال مخولة ... وكل شيء حباه الله تخويل
والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل
وحق هذا أن يكون خاتمة، إلا أن في كلام الشاعر بقية، وقد أشعر بذلك عند البداية حيث قال
هل حبل خولة بعد الهجر موصول ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول
حلت خويلة في دار مجاورة ... أهل المدائن فيها الديك والفيل
يقارعون رؤوس العجم ضاحية ... منهم فوارس لا عزل ولا ميل
فهؤلاء جند سعد وجيش عمر رضي الله عنهما
ومقدمة القصيدة فيها خلط بين ذلك وبين شيء من سابق أمر عبدة فيه فتك وجاهلية. وكأن خولة كما هي حبيبة هي أيضا رمز عن جميع ما تولى من الشباب وجنونه وبقلبه إلى بعض ذلك حنين وهذا من ازدواجية دلالة الرمز شبيه بسعاد كعب. سعاد كعب رمز لضلال اتباع قريش، فيها فجع وولع- وكأن المطلع «بانت سعاد»