ينظر إلى مطلع النابغة وصاحبته «إحدى بلى» التي أرادت غوايته وهو حاج، ورمز أيضا للنجاة بالوفود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ونيل عفوه ورضاه وكأن المطلع «بانت سعاد» ينظر إلى مطلع ربيعة بن مقروم «بانت سعاد فأمسى القلب معمودا» وهذه القصيدة كالمجاراة لكعب في الوزن. والروي:
فخامر القلب من ترجيع ذكرتها ... رس لطيف ورهن منك مكبول
رس كرس أخي الحمى إذا غبرت ... يوما تأوبه منها عقابيل
وللأحبة أيام تذكرها ... وللنوى قبل يوم البين تأويل
هذا قريب في المعنى من مقال بشامة
أتتنا تسائل ما بثنا ... فقلنا لها قد عزمنا الرحيلا
وقلنا لها كنت قد تعلميـ ... ـن منذ ثوى الركب عنا غفولا
الأبيات .... ثم يقول عبدة: -
إن التي ضربت بيتا مهاجرة ... بكوفة الجند غالت ودها غول
فخويلة بالمدائن يقارع قومها العجم وخولة بكوفة الجند. فهل خويلة كناية عن الشاعر نفسه على مذهب عمرو بن قميئة حيث قال:
قد سألتني بنت عمرو عن الـ ... أرض التي تنكر أعلامها
وأراد نفسه بقوله بنت عمرو كما سبق ذكر ذلك؟
وخولة التي بكوفة الجند كل ما كان من شباب وعرام وهوى ...
فعد عنها ولا تشغلك عن عمل ... إن الصبابة بعد الشيب تضليل
وصدق، لو يصح عزم امرئ على ذلك
ثم مضى ما شاء في صفة جد السير وضروب استطراد الوصف المتفرع عنه- ثم صرنا إلى حيث قال:
والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل
فزعمنا أنه خاتمة لولا ما يشوش عليه من ظلال المقدمة- زعم الفيروز آبادي أن شوش وتشوش لحن ولحن الجوهري حيث ذكر ذلك في مادة «شيش» وفي اللسان ما يفيد أن أصل هذا القول من الأزهري، والإجماع منعقد على صحة ما نقله الجوهري وفوق كل ذي علم عليم-