من أجل تشويش المقدمة والرس الذي كرس أخي الحمى:
.. إذا غبرت ... يومًا تأوبه منها عقابيل
عاد الشاعر إلى ذكر بعض ما كان على عهد السفه والشباب- وناسب قوله تأوبه أن يقول كما قال:
وقد غدوت وقرن الشمس منفتق ... ودوبه من سواد الليل تجليل
إلى التجار فأعداني بلذته ... رخو الإزار كصدر السيف مشمول
ثم وصف مجلس الخمر- وقد حال دون ذلك الإسلام والتحريم وعمر بن الخطاب- إلا أن يكون أصاب بعض اللمم فأسنده إلى زمان مضى، وذلك ما يتبادر إلى الوهم من قوله:
حتى اتكأنا على فرش يزينها ... من جيد الرقم أزواج تهاويل
فيها الدجاج وفيها الأسد مخدرة ... من كل شيء يرى فيها تماثيل
في كعبة شادها بان وزينها ... فيها ذبال يضيء الليل مفتول
لنا أصيص كجذم الحوض هدمه ... وطء العراك لدديه الزق مغلول
والكوب أزهر معصوب بقلته ... فوق السياع من الريحان إكليل
وهذا من صفة علقمة بن عبدة التي في آخر ميميتة (١).
مبرد بمزاج الماء بينهما ... حب كجوز حمار الوحش مبزول
والكوب ملآن طاف فوقه زبد ... وطابق الكبش في السفود مخلول
وما زادت لذاذات ترف العصر على هذا- أعني عصرنا هذا الذي يوسم باسم حضارة أوروبا.
يسعى به منصف عجلان منتطق ... فوق الخوان وفي الصاع التوابيل
ثم اصطبحت كميتا قرقفا أنفًا ... من طيب الراح واللذات تعليل
صرفًا مزاجًا وأحيانًا يعللنا ... شعر كمذهبة السمان محمول
تذري حواشيه جيداء آنسة ... في صوتها لسماع الشرب ترتيل
تغدو علينا تلهينا ونصفدها ... تلقى البرود عليها والسرابيل
ونبئت أنهم لا يزالون يصنعون كهذا الصنيع ببلاد المكسيك، فذلك يكون من عقابيل
(١) علقمة بن عبدة بفتح الباء وعبدة بن الطبيب بسكونها.