رس الجاهلية مما حمله العرب إلى الأندلس ولا يخفى أن الشاعر عند قوله:
تغدو علينا تلهينا ونصفدها ... تلقى البرود عليها والسرابيل
قد وفي الكلام حقه وهذه خاتمة حق خاتمة.
وقولنا إن الظن أن الشاعر أصاب لما مما يوقعه ذكره الفرش وذكره الدجاج وقد سبق قوله:
أخل المدائن فيها الديك والفيل
غير أن هذه أشياء من نعمة الحواضر، ولا سيمًا حواضر العجم، كان يتلذذ بذكرها أهل الجاهلية ويزعمون أنهم شربوا من خمر العجم والروم الغالية.
وهل ألحق عبدة هذه الأبيات بلاميته وكان قالها في الجاهلية؟ عسى ذلك. غير أنني أميل إلى ما قدمت ذكره أن القصيدة اللامية هذه كل واحد وأن هذه الخاتمة أوجبها عليه أول كلامه.
ومن المقابلة ما يخالطه نوع من المفاجأة. هذه المفاجأة بما تدخله من تحول من المباين إلى ما يباينه تكون هي في ذاتها علاقة ربط قوي. ومن أقوى أمثلة هذا الضرب صنيع الشنفري في التائية، وذلك حيث وصف المرأة ذات الحياء.
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت
ثم بعد أبياته الروائع المفعمات بالعاطفة، وقد فصلنا عنها حديثًا في الجزء الثالث من هذا الكتاب، قال:
فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت
فبتنا كأن البيت حجر فوقنا ... بريحانة ريحت عشاء وطلت
بريحانة من بطن حلية نورت ... لها أرج ما حولها غير مسنت
المسنت المجدب، والأرج المسنت لا يكون إلا أرج الرمم مما يقتله الجوع والعطش وتحلق فوقه الطير.
بعد هذا
وبا ضعة حمر القسي بعثتها ... ومن يغز يغنم مرة ويشمت
ثم وصف الغزوة ومشيه إليها