وتأمل قوله بعد هذا مباشرةً وأغلب الظن أن هذا الترتيب صحيح:
يا شاة ما قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم
هو الآن في حومة الحرب.
ومما يشجعه على الإقدام أن يكون لقلب هذه المحبوبة فارس أحلامها.
لا يزعم عنترة بعد قهره هذا المعلم البئيس الباسل الذي بارزه أنه سبى ظعينته فقد سبق قوله «أعف عن المغنم». فانصرف كما ترى إلى نداء عبلة بحسرة بعدها. ثم أتبع ذلك وصفه الموجز لمغامرة غرامية تناسب ذكر عبلة وتناسب ما قدمه من انتصار وتنزل من بعده مكانًا مناسبًا له، وكأن ذلك هو المغنم وهو الجائزة.
قد ذكرنا من قبل أن ورود هذا النموذج الموجز في ميمية عنترة يصحح ما قدمناه من أن موضوع المغامرة الغرامية قد كان من أنماط النسيب معروفًا. وعليه ما رووه من كلام امرئ القيس ومن ساروا على نهجه من بعد. ومن هؤلاء بلا شك عمر بن أبي ربيعة:
يا شاة ما قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي ... فتحسي أخبارها لي وأعلمي
قالت رأيت من الأعادي غرة ... والشاة ممكنة لمن هو مرتمى
وكأنما التفتت بجيد جداية ... رشإ من الغزلان حر أرثم
قوله وكأنما التفتت بجيد جداية اختصار لخبر اللقاء وينظر إلى مقال امرئ القيس
فسرت بها أمشي تجر وراءنا ... على أثرينا ذيل مرط مرفل
تصد وتبدي عن أسيل إلخ
حسن هذه الحسناء جائزة ومغنم وشكر لهذا الصنيع الذي قدمه من نزوله يبارز حماة الحقائق ومن يكره نزاله من الأبطال ويرهب ولكن عمرًا- وكنى بعمرو عن عمه أو قبيلته أو أحد رجالها أو عن عدو له ممن يحسده وهو أسود على هذه الفعال البيض فلو قدر على طمسها لفعل
نبئت عمرًا غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم
صدق
ولقد حفظت وصاة عمر بالضحى ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
لكريهة الحرب. وقوله ولقد حفظت وصاة عمر، إن رددته على عمرو على أنه عمه، فكأنه يقول قد حفظت وصاته، ومع ذلك لم يشكر بلائي. وأقرب من هذا أن يكون