للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفى نفسي وأبرأ سقمها» منبئ عن عقدة نقص ولو قد كان ذلك حقيقة أمره لكتمه ولم يصرح بشيء منه. وإنما شفى نفسه ثقته وإحساسه آن إذ دعوه بأنهم يكبرون قدره ومنهم محبون له.

والخيل تقتحم الخبار عوابسًا ... من بين شيظمة وأجرد شيظم

الخبار مالان واسترخى من الأرض. وقد يكون عنترة هنا يصف مكان خبار أي أرضًا ذات لين واسترخاء حيث وقعت المعركة. ويجوز أن تكون تلك الأرض لانت واسترخت لجرى الخيل عليها أو لتصبب العرق والدم. والوجه الأول أولى وأقرب في المعنى. وكما ترى قدم عنترة ذكر الخيل مجتمعة للدلالة على أنه أقدم وقال لهم الآن كروا فكروا جماعة معًا، والخيل مراد بها الأفراس والفرسان جميعًا وكلهم بهم عبوس. ثم أخلص عجز البيت كله للتنبيه على الخيل مفردات من بين شيظمة وأجرد شيظم أي طويل قوي الجسم فتيه وهي صفة توصف بها الخيل والإبل والناس وقد مر بك قول الشاعر يخاطب أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه:

يعقلهن أجرد شيظمي

وما أحسبه عني بأجرد شيظم إلا حصانه، إذ هو الذي بدأ الكر، والأجرد القليل الشعر وقوله أجرد شيظم يدل على أن الشيظمة هي أيضًا جرداء وما يحسن ذكره هنا بين بشار:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوي كواكبه

فقد قدم ذكر مثار النقع، أي ما أثير من الغبار. ولو قد كان فارسًا حقًا لبدأ بالخيل التي أثارته كقول عنترة ههنا وكقول أبي الطيب من بعد:

تثير على سلمية مسبطرًا ... تناكر تحته لولا الشعار

(على أن أبا الطيب قد نظر إليه وأخذ منه في هذا البيت كما قد نظر إلى عنترة أيضًا وإلى دبيب عقبان النابغة حيث قال بعد هذا البيت:

غبارًا تعثر العقبان فيه ... كأن الجو وعث أو خبار

وهذا من مبالغاته)

وأحسب أن أبا تمام كأنما قد عمد في نفسه إلى أن يفسر قول بشار، حيث قال:

من لم يقد فيطير في خيشومه ... رهج الخميس فلن يقود خميسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>