وإذا تنازعك الحديث رأيتها ... حسنًا تبسمها- لذيذ المكرع
ثم وصف لذيذ المكرع هذا بصفاء قطرات السارية ثم جعل ذلك غديرًا لمائه مع الصفاء لون أسجر فهذا هو اللمى
بغريض سارية أدرته الصبا ... من ماء أسجر طيب المستنقع
فطيب المستنقع شاهدة بالصفاء. والسجرة حمرة إلى الكدرة وهو لون الماء بعد أن ينهل على الأرض ويستن ليكون جداول وغدرانا. وأسجر هنا أي ماء غدير أسجر. ومن نون الماء ونقل همزة الأسجر كان ذلك له وجهًا والوجه الأول عليه رواية الديوان. ويفيدنا أن الوجه الثاني رواية أيضًا قول الشارح ويقال لماء السماء قبل أن يصفو أسجر (ص ٥٤ شرح الأنباري الكبير س ١١ - ١٢) فإن تك أسجر صفة لماء فلا بد من تنوين ونقل وعلى هذا الوجه ضبط طبعة دار المعارف بتعليقات العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله والأستاذ الجليل عبد السلام محمد هرون (سنة ١٣٦١ هـ ص ٤٢ س ٦)
ظل البطاح له انهلال حريصة ... فصفا النطاف له بعيد المقلع
أي بعد الإقلاع والحريصة سحابة. والضمير في له يعود على ماء أسجر في رواية من نون الماء وجعل أسجر صفة له، وأشبه أن يكون عائدًا على الغدير في رواية من لم ينون، أي من ماء غدير أسجر سبب سجرة لونه أن البطاح انهلت عليها سحابة حريصة فقشرت من أعاليها فهذا ظلمها له إذ هي لا تمسك الماء فانحدر وفيه كدرة ثم أقلعت السماء فاجتمع الماء صافيًا وفيه السجرة كهذا الثغر الصافي ذي اللمى
لعب السيول به فأصبح ماؤه ... غللًا تقطع في أصول الخروع
أي في أصوب النبات الغ الخضرة. وصفة هذا الماء الغلل المترقرق كأنما هي صفة لهذا الذي هو لذيذ المكرع- ثغرها المبتسم.
ثم يقول- وهذا يؤكد لك معنى الاستراحة الوجدانية، وأنه ما زال ينظر إلى الثغر ويخاطب ذات ابتسامته الشائقة:
أسمي ويحك هل سمعت بغدرة ... رفع اللواء لنا بها في مجمع
ثم يمضي في الفخر حتى يقول:
ومحل مجد لا يسرح أهله ... يوم الإقامة والحلول المرتع
بسيل ثغر لا يسرح أهله ... سقم يشار لقاؤه بالإصبع
لقاؤه بكسر اللام ورفع الهمزة أو نصبها فمن نصب جعلها بمعنى إليه ومن رفع لم