رفع الظعائن أي مضين مسرعات في سيرهن مفارقات وقد ذهبن بقلبك في هوادجهن
ذكرتك بالجموم ويوم مروا ... على مران راجعني ادكاري
وتيم يفخرون وضرب تيم ... كضرب الزيف بار على التجار
ومضى في الهجاء
ومن عجيب أمر البحتري أنه فيما ذكروا كان يميل إلى تقديم الفرزدق. وربما يكون قد تأثر بفرط ثناء الجاحظ الحسن عليه- قال الجاحظ في الجزء الثالث من الحيوان:«وإن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعرًا لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق فإنك لم تجد شاعرًا قط يجمع بين التجويد في القصار والطوال غيره، وقد قيل للكميت إن الناس يزعمون أنك لا تقدر على القصار قال من قال الطوال فهو على القصار أقدر. هذا الكلام يخرج في ظاهر الرأي والظن ولم نجد ذلك عند التحصيل على ما قال». أ. هـ[ص ٩٨].
وذكروا أن أبا نواس هم بأن يكتني بأبي فراس وهي كنية الفرزدق. وما يخلو الأمر من تعصب أهل البصرة لشاعرهم.
على أن بشارًا قد كان بصريًا وكان ميله إلى جرير وكذلك كان ميل مروان بن أبي حفصة، وهذا بعد باب واسع والخلاف فيه قديم وكان البحتري في أسلوبه أدنى إلى جرير. وفي هذا الاقتضاب هو آخذ منه بلا ريب. وسوغ الاقتضاب لجرير أن له مشابه في شعر الأيام والخصومات في أشعار القدماء. ثم قد كان هو صاحب نقائض وما كان أمر مهاجاته من يهاجيه ولا مهاجاتهم له كل ذلك بذي خفاء. فكان تغنيه بالغزل بين يدي هجائه وترنمه بذكر الديار والنسيب من ضرب الحماسة على النحو الذي هو معروف من مذهب العرب من الارتجاز وذكر النساء قبل المناجزة وبإزائها.
وقد ارتجزوا في جهاد الفتوح بمثل قولهم:
يا ليتني ألقاك في الطراد ... عند التحام الجحفل الوراد
تمشين في حليتك الوراد
وقال المختار الثقفي:
قد علمت بيضاء صفراء الطلل ... أني غداة الروع مقدام بطل