فزعموا أنه سأله أحد من كان يقاتل معه أين الملائكة يا أبا إسحاق أو «ما هذا معناه» فقال له قاتل عن حسبك أو ما هذا معناه، وكأن السائل أنكر على المختار ذكر النساء كما يفعل غيره من العرب ممن ليست لهم مثل دعواه الملائكة كانوا يعينونه.
ومن قديم ما رووا من رجز الأبطال قول ربيعة:
جررن أطراف الذيول واربعن
فعل حييات كأن لم تفزعن
إن تمنع اليوم نساء تمنعن
حتى الخوارج وهم ما هم في التشدد قد تغنوا بالغزل في جد حروبهم التي إنما كانت جهاد للكفرة على ما كانوا يعتقدونه- قال قطري بن الفجاءة:
فواكبدا من غير جوع ولا ظمأ ... وواكبدا من حب أم حكيم
ولو شهدتني يود دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير ذميم
غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم
مقدمات البحتري أشبه بالتقاسيم الموسيقية التي تسبق لحن المغني وعمود غنائه. وفيها ما ذكرنا من أنها تهيئة كان يهيئ بها نفسه لاندفاع المديح. وقد كان البحتري نديمًا.
فالذي صنع بأدب المنادمة أشبه وفيه أدخل.
ومن أمثلة اقتضابه مما هو عميق في هذا المجال كلمته المشهورة:
لي حبيب قد لج في الهجر جدا ... وأعاد الصدود منه وأبدى
ذو فنون يريك في كل يوم ... خلقًا من جفائه مستجدًا
يتأبى منعًا وينعم إسعا ... فا ويدنو وصلًا ويبعد صدًت
أغتدي راضيًا وقد بت غضبا ... ن وأمسى مولى وأصبح عبدًا
وبنفسي أفدى على كل حال ... شادنا لو يمس بالحسن أعدى
مر بي خاليًا فأطمع في الوصـ ..... ـل وعرضت بالسلام فردًا
وثنى خده إلى على خو ... ف فقبلت جلنارًا ووردًا
سيدي أنت ما تعرضت ظلمًا ... فأجازى به ولا خنت عهدًا
رق لي من مدامع ليس ترقًا ... وارث لي من جوانح ليس تهدا
حاش لله أنت أفتن ألفا ... ظا وأحلى شكلًا وأحسن قدا
خلق الله جعفرًا قيم الديـ ... ـن سدادًا وقيم الدين رشدًا
فهنا الوثبة المديحية كما ترى