وقيل في همزية الحارث إنه ارتجلها وأنشدها الملك وبينه وبين الملك سبعة ستر إذ كان أبرص يكره دنوه، فطرب له حتى أزال الحجب كلها وأجلسه معه في سريره. والخبر كأنه أسطوري المبالغة. وما أشك بعد أن له أصلاً لاتفاق الرواية عليه. وكلتا القصيدتين شكل واحد عند التأمل.
وفي العشر شكل واحد أصل وهو في قصيدة النابغة:
يا دار مية بالعلياء فالسند
وقصيدة الأعشى:
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وقصيدة عبيد شكلها من قرى شكل «قفا نبك» كما ذكرنا من قبل ولكن غرابة وزنها، وصاحبها شاعر فحل، مما حث على روايتها كما رويت ميمية المرقش:
هل بالديار أن تجيب صمم
وكما اختيرت كلمة سلمى بن ربيعة
إن شواء ونشوة ... وخبب البازل الأمون
وقد سبق الحديث عن هذا الجانب في معرض الحديث عن الأوزان في الجزء الأول وفي هذا الجزء أيضًا.
قفا نبك، مخصرة الشكل. نقول هذا على وجه التشبيه. وذلك أن لها وسطًا كأنه في مجال ضيق وهو يفصل بين جزئها الأعلى وهو أولها وجزئها الأسفل وهو آخرها. وهذا الجزء الأوسط يذهب مذهب التأمل والتفكر والحكمة، وما قبله ذكريات ووصف وأشجان فؤاد وكذلك ما بعده وهو قوله.
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... على بأنواع الهموم ليبتلى
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل