من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب
بالله يدرك كل خير ... والقول في بعضه تلغيب
والله ليس له شريك ... علام ما أخفت القلوب
أفلح بما شئت فقد ... يبلغ بالضعف وقد يخدع الأريب
لا يعظ الناس من لم يعـ ... ـظ الدهر ولا ينفع التلبيب
إلا سجيات ما القلوب ... وكم يصيرن شانئًا حبيب
ساعد بأرض إن كنت فيها ... ولا تقل إنني غريب
قد يوصل النازح النائي وقد ... يقطع ذو السهمة القريب
والمرء ما عاش في تكذيب ... طول الحياة له تعذيب
فهذا تخصير بطين إذ عدد الأبيات قبله مثله وهو في ذكر الدار وصبابات الحنين غير أن عبيدًا من حذقه ضمنه من معاني الأسى والحكمة والعظة التي في هذه الأبيات وما بعد ذكريات وأوصاف ولكن مطل عليها شبح الأسى وطيف الموت. وقد انتهت القصيدة بمصرع الثعلب لا نجاته ولكنه شبه فرسه بالعقاب. فهل كنى بالثعلب عن امرئ القيس وحجر وملك آل الحارث الكندي؟
وبانت سعاد، سيدة المدائح النبوية، مخصرة بأبيات الحكمة والتأمل إذ قال:
تسعى الوشاة جنابيها وقولهم ... إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
وقال كل خليل كنت آمله ... لا ألهينك إني عنك مشغول
فقلت خلوا سبل لا أبالكمو ... فكل ما قدر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يومًا على آلة حدباء محمول
أنبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول
فقد أتيت رسول الله معتذرًا ... والعذر عند رسول الله مقبول
وما قبل هذه الأبيات نسيب ورحلة وصفات وما بعدها مدح مداخله وصف وفخامة تشبيه وبسط حجة.
وقد حاكى كعب منهج أبيه في كلمته:
إن الخليط أجد البين فانفرقا ... وعلق القلب من أسماء ما علقا
وقد ذهب زهير بخصر هذه القصيدة مرة واحدة كما لو أسبغ عليها ثوب الذي قال، من شعراء الغزل: