للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن مشهور المثل السائر قوله في آخر القصيدة:

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم تمثل ببعضه.

وفي هذا القسم الثاني من القصيدة وصف عقره ناقة شيخة العزيزة الكوماء ليشتوي منها أصحابه ومجلس شرابه. وقد ترى امرأ القيس عقر مطيته لفتيات يوم دارة جلجل، فأغناه ذلك عن نعت الرحلة وعن نعت الناقة أيضًا وأتاح له وصف الغبيط ومغامرته. وقد جاء بوصف لهو الصيد وقديره وشواء في آخر القصيدة يقابل به ما تقدم به في أولها من فعله وفعل الفتيات إذ «يرتمين بلحمها وشحم كهداب الدمقس المفتل.»

والكهاة ذات الخيف الجلالة التي ذكرها طرفة في آخر قصيدته مقابلة للعوجاء المرقال التي في أولها. وقد أعلمنا أن الكهاة التي عقرها ليست له ولكنها:

عقيلة شيخ كالوبيل يلندد

ولعل العوجاء المرقال التي راح بها واغتدى هي أيضًا ليست له. وصحاب الميسر في آخر قصيده، في مقابلة مجلس الندامى الذي مر قبل التخصير.

شكل قصيدة طرفة هو هكذا في جملته والتحوير الذي افتن به لاءم به أغراضه وروح انفعاله ونفس بيانه.

ومعلقة زهير نمط عزيز. وليس بنمط أصل في المدح، إذ النمط القديم هو بائيه علقمة: -

طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب

هي أقدم من: -

يا دار مية بالعلياء فالسند

ولكنهم لم يذكروا علقمة في أصحاب المعلقات وإن عد من الفحول وأصحاب السموط. ولو قد كانت بائيته هذه في السبع أو العشر الطوال ما عدونا النص عليها أن شكلها هي هو الأصل مكان ما ذكرنا به كلمتي النابغة والأعشى. لعلهم لم يذكروا علقمة في أصحاب المعلقات لكيلا يضاهوا به امرأ القيس. وإنما ذكروا عبيدًا لغرابة وزن قصيدته واشتهارها.

أما قولنا إن معلقة زهير نمط عزيز، فإن بيانها ومعانيها وإنسيانيتها كل ذلك في الذروة، ثم، وهو مقصدنا ههنا، في شكلها افتنان عظيم جدًا. حذف الرحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>