للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي نقول به من جعل زهير التخصير تذييلاً وتصرفه الذي تصرفه لا نبنيه على محض التخمين، ولكن لدينا ما يشهد بأن مثل هذا الصنيع والتصرف جائز. انظر قصيدتي ربيعة بن مقروم الضبي الثامنة والتاسعة والثلاثين في ترتيب المفضليات.

أمن آل هند عرفت الرسوما ... بجمران قفرا أبت أن تريما

و:

ألا صرفت مودتك الرواع ... وجد البين منها والوداع

وشعر ربيعة هذا ناصع واضح جميل.

الميمية مخصرة لا ريب فيها وهي خمسة وأربعون بيتًا في رواية المفضليات والتخصير فيها بعد نهاية وصف الأتن وفحلها إذ رماها الصائد فأخطأ ونجت بأحث ما تقدر عليه من النجاء، وذلك قوله:

وإن تسأليني فإني امرؤ ... أهين اللئيم وأحبو الكريما

وأبني المعالي بالمكرمات ... وأرضى الخليل وأروي النديما

ويحمد بذلي له معتف ... إذا ذم من يعتفيه اللئيما

وأجزي القروض وفاء بها ... ببؤسي بئيسي ونعمي نعيما

فهذا ظاهره فخر وباطنه حكمة إذ هذا الذي ذكره كله من الفضائل، وكانوا يمتدحون بسباء الخمر وإرواء الندامى، ويجوز أن يكون الإرواء بغير الخمر كاللبن والعسل والوجه أن يؤخذ هذا الكلام على عمومه فلا يخص به شراب دون شراب إلا أنه في الخمر أظهر.

ثم أقبل ربيعة على مآثر قومه وصفة الشجاعة والسلاح وذكر أيام قومه أو كما قال:

ولكن أذكر آلاءنا ... حديثًا وما كان منا قديمًا

ودار هوان أنفنا المقام ... بها فحللنا محلاً كريما

إذا كان بعضهم للهوان ... خليط صفاء وأما رؤوما

تأمل جودة هذا البيت ونقاءه:

وثغر مخوف أقمنا به ... يهاب به غيرنا أن يقيما

جعلنا السيوف به والرماح ... معاقلنا والحديد النظيما

يعني الدروع لأن حديدها منظوم نظمًا: -

وجردًا يقربن دون العيال ... خلال البيوت يلكن الشكيما

<<  <  ج: ص:  >  >>