للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد قوله: «وقالت إنه شيخ كبير» وهو البيت الثاني ويجري الكلام مجرى المخاطبة الذي في ميمية عنترة وعينية الحادرة ويأتي التخصير من عند قوله «فإما أمس قد راجعت حلمي» إلى «وأني في بني بكر بن سعد» ثم يجيء القسم الثاني من قوله: «وما آجن» إلى آخر القصيدة. وإنما نزعم أن هذا قسم ثان من شكل أصله تخصيري لما فيه من الرجعة إلى ذكرى الشباب. فهو بمنزلة.

وقد اغتدى والطير في وكناتها

وبمنزلة:

قد أشهب الشرب فيهم مزهر رنم

وهاتان شكلهما أصل كما تقدم.

فإن صح هذا الذي نراه من تصرف ربيعة بن مقروم، فاجعل لزهير تصرفًا شبيهًا به، ولا ريب أن جودة الشكل قد زيدت زيادة بينة بهذا التصرف. إذ موقع الحكمة في آخر معلق زهير رائع. وموقع الفخر الحكيم في أول عينية ربيعة أيضًا قوي رائع نبيل.

ومن القصائد المخصرات تخصيرًا شديد الضمور لأمية عبدة بن الطبيب:

هل حبل خولة بعد الهجر موصول

وهي طويلة من نيف وثمانين بيتًا وتخصيرها أبيات عشرة هن قوله، وذلك من البيت التاسع بعد أربعين إلى السادس والخمسين.

لما وردنا رفعنا ظل أردية ... وفار باللحم للقوم المراجيل

وردًا وأشقر لم ينهئه طابخه ... ما غير الغلي منه فهو مأكول

ثمت قمنا إلى جرد مسومة ... أعرافهن لأيدينا مناديل

ثم ارتحلنا على عيس مخدمة ... يزجي رواكعها مرن وتنعيل

يدلحن بالماء في وفر مخربة ... منها حقائب ركبان ومعدول

الوفر بضم الواو وسكون الفاء جمع وفراء وهي قربة الماء. مخربة لها خرب جمع خربة وهي أذن القربة، كأنهم شبهوها بالآذان التي تكون فيها ثقوب الأقراط قال ذو الرمة:

كأنه حبثي يقتفي أثرًا ... أو من معاشر في آذانها الخرب

يعني الحبش والسودان إذ كانوا يثقبون آذانهم.

نرجو فواضل رب سيبه حسن ... وكل خير لديه فهو مقبول

رب حبانا بأموال مخولة ... وكل شيء حباه الله تخويل

والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل

والأبيات الأوائل من هذه في وصف السير، ولكنه سير إلى الجهاد فاتصالها بما صار إليه من معنى الحكمة والتحامها به جاعلها جزءًا لا ينفصل عنه فتأمل. هذا ومن باب

<<  <  ج: ص:  >  >>