للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكربيعة ابن مقروم في العينية التي مر ذكرها قبل وهو قوله:

وماء آجن الجمات قفر ... تعقم في جوانبه السباع

وردت وقد تهورت الثريا ... وتحت وليتي وهم وساع

جلال مائر الضبعين يخدى ... على يسرات ملزوز سراع

غير أن المخبل وصل تذكره الماضي بما كان من نسيبه ونعته وجعل الحكمة ذيلاً وتبع في ذلك مذهب زهير وقد شهد المخبل الإسلام فهو من المخضرمين فهذا عندما أنه حاكى زهيرًا وأبيات حكمته من قوله:

وتقول عاذلتي وليس لها ... بغد ولا ما بعده علم

فهذا فيه أنفاس صلة بقوله «هلا تسلى حاجة علقت». ومما يجعلون المحبوبة سائلة وعاذلة وهازئة وقد مرت من ذلك أمثلة:

إن الثراء هو الخلود وإ ... ن المرء يكرب يومه العدم

إن وجدك ما تخلدني ... مائة يطير عفاؤها أدم

والمائة من الإبل مال دثر. عفاؤها وبرها وكنى بقوله يطير عفاؤها عن سمنها.

ولئن بنيت لي المقشر في ... هضب تقصر دونه العصم

لتنقبن عني المنية إن ... الله ليس كحكمه حكم

إن وجدت الأمر أرشده ... تقوى الإله وشره الإثم

وآخر هذه القصيدة فيه روح من الإسلام مع الحكمة التي ترى.

وكلمة الأسود بن يعفر الدالية المليحة:

نام الخلي وما أحس رقادي ... والهم محتضر لدي وسادي

تحذو حذو معلقة امرئ القيس، ولكن من عند ذكر الليل إلى آخر القصيدة، وهذا من الأسود بن يعفر حذق عظيم، إذ قد فقد بصره فهو في ليل، ومع الليل الهم والأحزان وطلب العزاء. وقد جعل أول قصيدته كله لذلك. ثم أردفه ذكر ملذات مضت وختم بالحصان ونشوة الرحلة. وكأن بعضهم لم ترضه هذه النهاية فجعل آخر القصيدة قوله:

فإذا وذلك لامهاه لذكره ... والدهر يعقب صالحًا بفساد

<<  <  ج: ص:  >  >>