للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل الأسود قاله ثم أضرب عنه والشعراء مما يفعلون ذلك، والقصيدة بدونه أجود وأتم إذ هو لا يعدو أن يكون صوتًا أجوف، وقد سبق ما هو أعمق منه وأوقع.

أما القسم المنبئ عن الهم والليل فقوله بعد البيت الأول:

من غير ما سقم ولكن شفني ... هم أراه قد أصاب فؤادي

ومن الحوادث لا أبا لك أنني ... ضربت على الأرض بالأسداد

فهذا مع الهم وبعده حزن

لا أهتدي فيها لموضع تلعة ... بين العراق وبين أرض مراد

ثم غلبه الحزن فأخذ في ذكر الموت على الطريقة القبرية الكفنية التي عند الممزق، ذرء منها:

ولقد علمت سوى الذين نبأتني ... أن السبيل سبيل ذي الأعواد

إن المنية والحتوف كلاهما ... يوفي المخارم يرقبان سوادي

لن يرضيا مني وفاء رهينة ... من دون نفسي طارفي وتلادي

ثم أخذ في التأسي:

ماذا أؤمل بعد آل محرق ... تركوا منازلهم وبعد إياد

لا يعني بآل محرق ملوك الحيرة ولكن ملوكًا من غسان

أهل الخورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد

أرضًا تخيرها لدار أبيهم ... كعب بن مامة وابن أم دؤاد

جرت الرياح على مكان ديارهم ... فكأنهم كانوا على ميعاد

ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظل ملك ثابت الأوتاد

نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ... ماء الفرات يجيء من أطراد

فإذا النعيم وكل ما يلهى به ... يومًا يصير إلىبلى ونفاد

أهل الخورنق إلخ عني بهم إيادا، والخورنق موضع، والسدير النخل، وسنداد بكسر السين وروى فتحها نهر، وكل هذه مواضع، وأنقرة من بلاد الشام لا يعني بلدة الأناضول الرومية وكعب بن مامة صاحب الكرم المشهور، وابن أم دؤاد هو أبو دؤاد الشاعر، كلاهما من إياد -ثم مضى يتأسى: -

<<  <  ج: ص:  >  >>