للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميعة الشباب ويعجبني قوله «لينا أجيادي» إذ يبس العنق وتغضنه من شواهد تقدم السن. وجعله جيادًا لترائيه به، يريه من جميع جوانبه وما حوله مما هو به مزدان.

ولقد لهوت وللشباب لذاذة ... بسلافة مزجت بماء غوادي

من خمر ذي نطف أغن منطق ... وافى بها لدراهم الإسجاد

قالوا في الإسجاد أقوالاً وأدناها أي ليكسب دراهم موسمه. قالوا كانت على الدراهم صورة يكفرون لها ويسجدون وهي دراهم الأكاسرة وهذا تفسير الأصمعي. وقالوا الإسجاد عني به النصارى، أسجدتهم جزيتهم، وإنما يصح هذا المعنى إن كانوا يدفعون جزية للفرس أو لملوك الحيرة في الجاهلية أو جعل ما كان عليهم من ضريبة بمنزلة الجزية وعن أحمد بن عبيد ابن ناصح فيما روى ابن الأنباري الكبير الإسجاد أي التي جاء بها الخمار بعدما حال عليها الحوف وهو وقت الجزية. وأحسب أن المراد بالجزية هنا الضريبة التي تؤدى للملوك.

ثم وصف الساقي هذا الذي عليه النطف أي الأقراط بفتح النون والطاء مفردها نطفة كشجرة، والنساء النواعم الحسان اللائي يتم بهن اللهو.

يسعى بها ذو تومتين مشمر ... قنأت أنامله من الفرصاد

أي من الخمر شبهها بالفرصاد وهو التوت لحمرتها والتومتان اللؤلؤتان

والبيض تمشي كالبدور وكالدمي ... ونواعم يمشين بالأرفاد

قالوا أراد بالأرداف وذلك لهزهن أردافهن تبرجًا.

والبيض يرمين القلوب كأنها ... أدحى بين صريمة وجماد

يعني كأنهن بيضات نعام من حسنهن محفوظات بين صريمة أي رمل وجماد أي مواضع غلاظ جمع جمد بضم الجيم والميم وجيم جماد مكسورة أو مفتوحة بمعنى الجماد المعروف أي بين رمل وأرض جماد

ينطقن معروفًا وهن نواعم ... بيض الوجوه رقيقة الأكباد

ينطقن مخفوض الحديث تهامسًا ... فبلغن ما حاولن غير تنادى

وهذا من حلو الكلام ورقيقه. ثم أخذ في وصف ما راد من الأرض ونعت الحصان الذي راد به، وذكر الصيد من بعد:

ولقد غدوت لعازب، متناذر ... أحوى المذانب مونق الرواد

فهذا قريب من قول امرئ القيس «وقد أغتدى والطير إلخ»

<<  <  ج: ص:  >  >>