للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثنتان مما يقع مثلهما عند الشعراء تهجس قلوبهم بالمعيتها عن بعض ما وراء الغيوب- أولاهما قوله: وللأمانة تفجع -أو- ولا الأمانة يفجع. فقد أؤتمن مالك على مال الصدقات فخان. والثانية ذكره الموت وتوقعه له وعجزه عن الدفاع عن نفسه. ولقد نظر بعين كشف إذ قال:

قال:

ولقد غبطت بما ألافي حقبة ... ولقد يمر على يوم أشنع

فضمير الغبطة هنا المتكلم المفرد وفي عينية متمم جاء بنفس المعنى ولكن المتكلم فيه جمع:

وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا

فهذا يشمله وأخاه. وكان مصدر خيره من أخيه ولذلك قال:

وليست إذا ما الدهر أحدث نكبة ... ورزءًا بزوار القرائب أخضعا

فخص نفسه بالزرء من بعده.

والحزم بعد أن يوقف عندما وقف عنده قديمًا فنقول إن هذه العينية المرفوعة رويت لمتمم بن نويرة ورواها بعض الرواة لأخيه مالك. ونميل إلى هذا الوجه الثاني والله تعالى أعلم.

أخر القسم الأول من هذه القصيدة في البيت الثاني عشر- وقد بدأ بذكر صرم صاحبته له، وأتبع ذلك بمكافأة له من مذهب لبيد في معلقته

فاقطع لبانة من تعرض وصله ... ولشر واصل خلة صرامها

وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باق إذا ظلعت وزاغ قوامها

ثم تسلى بناقة عنس جعلها رمزًا لمضائه وزماعه. وأتبع ذلك تشبيهًا لها بحمار الوحش كما صنع لبيد وقد شاركه في بعض اللفظ والصفات فكأنه نظر إليه وقد اشتهر أمر لبيد بالشعر في الجاهلية قبل زمان الهجرة.

صرمت زنيبة حبل من لا يقطع ... حبل الخيل وللأمانة تفجع

ولقد حرصت على قليل متاعها ... يوم الرحيل فدمعها المستنفع

هذا كأنه من قول بشامة- و «ما كان أكثر ما زودت البيت.»

<<  <  ج: ص:  >  >>