للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جذي حبالك يا زينب فإنني ... قد استبد بوصل من هو أقطع

قالوا أي قاطع وهذا ما ذهب إليه الشارح وروى قولاً عن أبي عمرو «هو الشيباني» أي أقطع مني وروى بصرم وهذا واضح على مذهب لبيد. ولو جاز القياس في هذا الموضع ما امتنع عندي أن يقاس بوصل من هو أقطع على قول الآخر: ولا بذات تقلت أي لا توصف بهذا فيقال تقلت، فهو حكاية. وعليه فمن هو أقطع من شأنه أن يكون لسان حاله: «أقطع» أي أنا أقطع وأبدأ الصرم وما هو بهذا المعنى. وهذا في جملة معناه مقارب لقول امرئ القيس لعنيزة: «فمثلك حبلى البيت» أي إن تتمنعي فرب كذا وكذا قد استطعت وصلها. وأنت إن تجذي حبلى يا زنيبة فقد انفرد لنفسي بوصل من يزعم أنه قاطع عسير المنال وهل يقوى هذا الوجه قوله زنيبة فهي موازنة وزنًا لعنيزة والمعنى كما ترى، على هذا التأويل، وعلى الشرح الذي شرحوا أيضًا. ويقويه أيضًا البيت الذي إذ يدل على صحة رواية «استبد بوصل من هو أقطع» لا «بصرم من هو أقطع» ويناسب المعنى الذي ذكرناه:

ولقد قطعت الوصل يوم خلاجه ... وأخو الصريمة في الأمور المزمع

وعند لبيد «ونجح صريمة إبرامها» فهذا قريب منه

بمجدة عنس كأن سراتها ... فدن تطيف به النبيط مرفع

قاظت أثال إلى الملا وتربعت ... بالحزن عازبة تسن وتودع

تسن وتودع مثل مثل به واستعارة، أي هي عدة لمثل هذه المهمة من السفر كما السيف عدة للحرب يسن ويحفظ فهي مثله تسن بحسن الرعاية ثم تصان فلا تبتذل في غير وقت الحاجة حقًا. والأماكن التي ذكر الشاعر أن ناقته قاظتها أي قضت القيظ -زمن الحر- بها والربيع هي من جياد مراعي الإبل. قال الشارح، قال حنيف الحناتم وكان آبل الناس أي من أحسن الناس قيامًا على الإبل وكان أحد بني ثعلبة بن عكابة: «من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعى».

حتى إذا لقحت وعولي فوقها ... قرد بهم به الغراب الموقع

أي لا يقدر الغراب أن يقع عليه لامتلائه وانملاسه، هكذا شرحه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري أبو محمد، ثم قال، وهذا كقول الراعي:

بنيت مرافقهن فوق مزلة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا

قلت فينبغي أن يكون صواب عجز البيت:

<<  <  ج: ص:  >  >>