وما يخلو قوله من معنى فكيف بم أيها العبد الزنيم
أرى الأجداد تغلبها كثيرا ... على الأولاد أخلاق اللئام
أي إذا لؤمت أخلاق الأولاد، وهذا كثير، غلب لؤمها شرف أنساب أجدادهم. هذا ظاهر المعنى. ولكن خطاب كافور به قد تشتم منه رائحة تفريع قول قائل، فكيف بالأمر إذ ساءت أخلق الأولاد مع النسب الدنئ المجهول؟
ولست نقانع من كل فضل ... بأن أعزي إلى جد همام
فأنا لا أهتم بالنسب ولا أفتخر به. وإنما لا نسب لك. وأنا قد اخترتك فاشكر لي هذا الاختيار
قد اخترتك الأملاك فاختر لهم بنا ... حديثا وقد حكمت رأيك فاحكم
فأحسن وجه في الورى وجه محسن ... وأيمن كف فيهم كف منعم
وأشرفهم من كان أشرف همة ... وأكبر إقداما على كل معظم
ثم يعود أبو الطيب بعد هذه الحكمة التي طيها ما ترى من هفوات إلى التعريض بالفراق:
عجبت لمن له قد وحد ... ويبنو نبوة القضم الكهام
هذا سيف الدولة، لذكر القد ولم يكن لكافور من قد، ولذكره الحد والحد للسيف الماضي. والقضم الكهام هو السيف الرديء، به تقليل من رداءة حديده، وكهام أي غير قاطع.
ومن يجد الطريق إلى المعالي ... فلا يذر المطي بلا سنام
هذا عنى به نفسه، إذ هو صاحب الأسفار. وفي هذا من قوله ما زعمنا من التعريض بالفراق والتهديد.
ولم أر في عيوب الناس شيئًا ... كنقص القادرين على التمام
هذا عنى به كافورا، والدليل على ذلك قوله «في عيوب الناس» ومن قبل قد قال: «ولما صار ود الناس خبا» والرواية التي رووا سواء أصحت أملم تصح تشهد بأن المعنى بالناس ثم هو كافور، فذلك ينساق على معناها أيضًا في هذا البيت. ودليل آخر ما كان يتوهمه أبو الطيب في كافور من القدرة على أنيهبه ضيعة أو ولاية وأن يجعله