للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما هو وصية وإن يك قد سماها رسالة.

وقد ذكر عنترة الوصية في قوله:

ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم

والحرب فيها مقاربة الموت.

ومما يدلك على ملابسة الموت للوصية قوله تعالى: (ووصى بها أبراهي بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ... )

وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا} أو «حسنا» (قراءتان) {ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} ... {لعلكم تذكرون} (بتشديد الذال وتخفيفها) {لعلكم تتقون} ... آيات الأنعام.

وأدب الوصايا في العربية كثير. يوصي الآباء الأبناء، وسادة القوم عشائرهم والأمهات بناتهن وكذلك الآباء. وفي كتاب الأمالي من ذلك أمثلة جياد. والمتأمل لمسرحيات شكسبير واجد فيها وصايا كثيرة، مثل وصية يوليسيس لأخيل «ترويليس وكريسيدا ١ - ٣ - ٣» ومثل وصايا كثيرة، مثل وصية بولونيوس لابنته (١ - ٣ - س ١٢٠ - ١٢٤ ... ) ولابنه (١ - ٣ ص س ٦٦ - ٨١) وهذه الوصية من مشهور كلامه ومما يختار ويحفظ وفيها مشابه قوية من بعض ما جاء في كلمة عبد قيس بن خفاف البرجمي وهي في المفضليات وأوردها صاحب اللسان كاملة وأحسب أنحبيبا لم يوردها في حماسته لشهرتها إذ ليس يخفي عن مثله مكانها:

أجبيل إن أباك كارب يومه ... فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل

كارب يومه أي دنا، وهذا سبب الوصية. وقال بولونيوس polonius وكان صاحب حجاب الملك ومن وزرائه يعظ ابنه ويوصيه وهو يودعه ما معناه «أذهب مباركتي لك وهذه الكلمات القلائل من وصيتي خطهن في قلبك خطا» (انظر هاملت الفصل الأول المنظر الثالث).

أوصيك إيصاء امرئ لك ناصح ... طبن بريب الدهر غير مغفل

فهذا ونحوه مما يقع في كثير من كلام أهل الحكمة عند وصيتهم البنين ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>