للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضًا من الناس.» (ص ٢١٦ من تحقيق ابنه الشاطئ، مصر، دار المعارف ١٩٥٢ م).

مقال المرصفي الذي نقله السوربوني (١) رحمهما الله فيه «بعض من له دراسة» وما أرى المرصفي أراد غير نفسه. ولنعم كان حظه من التوجيه إن كان صاحب الوسيلة قد تولى جانبًا من ذلك من أمره.

قال السوربوني (ص ٢٢ من أدب وتاريخ): لم يكن عصره يساعد على تكوين ملكة البلاغة لأن حامل لواء الشعر إذ ذاك محمود صفوت الساعاتي الذي أعقب الدرويش، حدثني المرحوم حفني بك ناصف مرة أن أجود قصيدة نظمت في عهد محمد علي هي القصيدة التي مطلعها:

يا آل طه عليكم حملتي حسبت ... إن الضعيف على الأجواد محمول

والتي ما زال إلى اليوم بعض سكان الريف يحفظونها، وكان الليثي والنجاري والأبياري والنديم ورفاعة وأبو النصر وغيرهم من معاصري الساعاتي مولعين بالبديع محتذين مثل البهاء زهير وابن خفاجة وغيرهما من المتأخرين الذين ليسوا من حلبة هذا الميدان. أما فيما يتعلق بالوراثة فقد قال الباردوي:

أنا في الشعر عريق ... لم أرثه عن كلالة

كان إبراهيم خالي ... فيه مشهور المقالة

وسما جدي علي ... يطلب النجم فناله

لا أظن أن خال البارودي كان شاعرًا يمتاز عن أهل عصره، ولكن لعل البارودي وجد فيه مشجعًا على قول الشعر كما وجد في المعالي التي يفخر بها، وفي معاهد العز والشباب التي درج فيها. ولكن هذا لا يكفي لأن يبرز شاعر غض الإهاب على معاصريه ثم يجري على غاربه حتى يلحق بفحول المتقدمين قبل أن يطوي برد الشباب. إذن كان سر قوة هذا الشاعر في طبعه، وكانت في قرارة نفسه عين كامنة ما


(١) ليست «السوربوني» في نص نسبة الكتاب إلى مؤلفه ولكن بعد اسمه «الحائز لدكتوراه الدولة في الآداب مع الشرف من السوربون، أستاذ التاريخ الحديث بدار العلوم «أ. هـ». قلت لقيته رحمه الله بإسكندرية في مؤتمر ذكرى حافظ إبراهيم سنة ١٩٥٧ في شهر يوليه وتحدثت إليه رحمه الله كثيرًا وكان مما يقال له السوربوني.
ورأيتها في بعض ما كتب أظنه الشوامخ وخبرني الدكتور مكي شبيكة رحمه الله وكان له معاصرًا أن هذه النسبة كانت تعجبه كما كان يقال لأهل العلم الأزهري مثلاً ولقد كان رحمه الله، عظيم الحيوية، طيب الحديث حق مفيد به. ولقد كان لقائية كسبًا ومن نعم الله التي لا تكفر. رحمه الله الرحمة الواسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>