إذا تمضيهم عادت عليهم ... وقيدها الرماح فما تريم
تعادى من قوائمها ثلاث ... بتحجيل وقائمة بهيم
كميت غير محلفة ولكن ... كلون الصرف على به الأديم
وقد تصرف البارودي فجعل الأصيل ومورد الضحى مكان «غير محلفة إلخ» ونظر من طرف خفي إلى قول أبي الطيب «كأنه من الليل باق إلخ بيت البائية»
زجل يردد في اللهاة صهيله ... رفعًا كزمزمة الحبي المرعد
هذا عجزه من بيت كعب:
من سره ضرب يمعمع بعضه ... بعضًا كمعمعة الآباء المحرق
وما خلا أوله من وحي من بيت طفيل: «وإن يلق كلب بين لحييه يذهب» وقد ترى ذكره اللهاة، فما بدت لهاته إلا لشحوه فاه، فهذا قول طفيل.
متلفتا عن جانبيه يهزه ... مرح الصبا كالشارب المتغرد
فإذا ثنيت له العنان وجدته ... يمطو كسيد الردهة المتورد
يشير إلى قول طرفة وليس هذا بأخذ ولا توليد ولا سرقة ولكن تلذذ وترنم.
وإذا أطعت له العنان رأيته ... يطوى المهامه فدفدا في فدفد
يكفيك منه إذا أحس بنبأة ... شد كمعمعة الأباء الموقد
يشير إلى بيت كعب والأخذ في الحذو الذي أشرنا إليه من قبل لا هنا.
صلب السنابك لا يمر بجلمد ... في الشد إلا رض فيه بجلمد
نعم العتاد إذا الشفاه تقلصت ... يوم الكهريهة في العجاج الأربد
هذا يشير به إلى قول عنترة «إذ تقلص الشفتان البيت»
ولقد شربت الخمر بين غطارف .. شم المعاطس كالغصون الميد
هنا نغم عنترة وإيقاعه وإشارة إليه. رنة هذا البيت مثل رنة بيت عنترة:
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها ... بسليم أوظفة القوائم هيكل
وأوله كأول قوله «ولقد شربت من المدامة البيت» - وفي أبيات البارودي من قبل «ولقد شهدت الحرب في إبانها». وسائر البيت من قول حسان: «شم الأنوف من الطراز الأول».