نموذج من دالية الأسود بن يعفر «نام الخلي وما أحس رقادي» وقد بينا من قبل أن هذه الدالية تساير المعلقة من عند ذكر الليل إلى نهايتها أو قريب من ذلك. -قال البارودي-:
يخفضن من أبصارهن تختلا ... للنفس فعل القانتات العبد
«فعل القانتات العبد» يشير إلى قوله تعالى: {وقل للمؤمنات} وقوله: {يغضضن من أبصارهن} في صياغة ورنة إيقاعه نظر إلى قول الأسود: «ينطقن معروفًا وهن نواعم البيت» ينطقن مخفوض الحديث تهامسًا»
فإذا أصبن أخا الشباب سلبنه ... ورمين مهجته بطرف أصيد
وإذا لمحن أخا المشيب قلينه ... وسترن ضاحية المحاسن باليد
فهذا ما زعمنا من اتباعه مقال علقمة- ثم يجئ حديثه عن نفسه:
فلئن غدوت دريئة لعيونها ... فلقد أفل زعارة المتمرد
الدريئة الهدف وأشار إلى قول قطري:
فلقد أراني للرماح دريئة ... من عن يميني مرة وأمامي
وهذه الإشارة صارت به إلى ذكر الحرب:
ولقد شهدت الحرب في إيانها ... ولبئس راعي الحي إن لم أشهد
وقد ذكرنا من قبل أخذ البارودي هنا من إيقاع عنترة وحذا على حذوه حيث قال:
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها ... بسليم أوظفة القوائم هيكل
فدعوا نزال فكنت أول نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل
هذا العجز من بيت عنترة صداه في قول شاعرنا «ولبئس راعي الحق» وفي روى البارودي وبحره وبعض صياغته أصداء من كلمة عامر بن الطفيل
ولتسألن أسماء وهي حفية ... نصحاءها أطردت أم لم أطرد
وأظهر ما في دالية البارودي من أصداء هذه الكلمة العامرين بعد الروي والقافية رنة المضارع المنفي بلم- لم أطرد- لم يسند- لم يقصد- لم توقد. وجاء به البارودي مرتين