للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومخافة في يسر وسلاسة مع لفظ شريف وصناعة متينة. خذ قوله مثلا:

إذا خرجن طفل الآصال ... يركضن ريطا وعتاق الخال (١)

سمعت من صلاصل الأشكال ... والشذر والفرائد الغوالي

أدبا على لباتها الحوالي

وقوله:

ومهمه دواية مثكال ... تقمست أعلامه في الآل (٢)

تسمع في تيهائه الأفلال ... عن اليمين وعن الشمال

فنين من لهاله الأغوال

ومذهب جرير في الرجز قريب من مذهب ذي الرمة، إلا أنه أبرع القصيد، ورجزه في جملته دون قصيده في الجودة.

ومن المحدثين جماعة تعاطوا الرجز وأطالوا فيه - من هؤلاء بشار بن برد، فقد أكثر من الرجز، وكان فيه كثيرًا ما يتشبه بمذهب جرير والتكلف ظاهر في أرجوزته؛ [ديوانه ١٤٣: ١].

عوجا خليلي لقينا حسبا ... من زمن ألقى علينا شغبا

وأرجوزته [نفسه ١٤٠: ١].

يا دار بين الفرع والجناب ... عفا عليها عقب الأعقاب

وقد حاكى بشار ذا الرمة في أبيات من الثانية كقوله:

وقد أراهن على المثاب ... يلهون في مستأسد عجاب

سهل المجاري طيب التراب ... حور العيون نزه الأحباب

فهن أتراب إلى أتراب

فهذا ينظر من بعد إلى قول ذي الرمة: "إذا خرجن طفل الآصال"، وقد سبق ذكره مع أشطار. وفي هذه البائية شطر سلخه بشار سلخًا من ذي الرمة وهو قوله:

فانقلبت والدهر ذو انقلاب


(١) الربط والخال: من الثياب. والأدب: العجب.
(٢) مثكال: أي يهلك سالكها. وتقسمت: غطست. والأفلال: أي الخاليات.

<<  <  ج: ص:  >  >>