للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكموا مصر وقصيدته التي مطلعها:

قلدت جيد المعالي حلية الغزل ... وقلت في الجد ما أغنى عن الهزل

لا تبرئه من هذا التفكير وإن ذكر في الديوان إنها قيلت في عهد إسماعيل «.أ. هـ. قلت ما قاله الديوان أصدق عند المتأمل من ظن هيكل الذي ظنه، رحمه الله، وذلك أن هذه اللامية على وضوح مجاراتها للامية الطغرائي -فارس آخر من معادن كمعادنه روحًا وأدبًا وشعرًا- فيها من حرارة الشباب وطيشه ما يشهد بصدق سبق تاريخ نظمها لزمان توفيق. وقال هيكل في موضع آخر: «ولكن اندفاعه في حركة الضباط من بداءتها حال بينه وبين التخلص منهم، فلم يكن له بد من أن يسير معهم وأن يربط حظه بحظهم». لو اكتفى هيكل بقوله: «أن يسير معهم» لكان قد أصاب.

وصار إلى ما قاله البارودي في أبياته النونية ولكن قوله: «وأن يربط حظه بحظهم «مشعر بمعنى» الانتهازية» والدهاء الذي زعم من قبل. وشعر البارودي وسمت صدقه يشهد ببطلان هذه التهمة.

نصحت قومي وقلت الحرب مفجعة ... وربما تاح أمر غير مظنون

فخالفوني وشبوها مكابرة ... وكان أولى بقومي لو أطاعوني

تأتي الأمور على ما ليس في خلد ... ويخطئ الظن في بعض الأحايين

كأنه يعاتب نفسه شيئًا ههنا.

حتى إذا لم يعد في الأمر منزعة ... وأصبح الشر أمرًا غير مكنون

أجبت إذ هتفوا باسمي ...

هنا البطولة والمأساة معًا ....

ومن شيمي ... صدق الولاء وتحقيق الأظانين

تأمل جودة المقابلة في اللفظ والمعنى بين قوله: «ويخطئ الظن إلخ» وقوله: «صدق الولاء وتحقيق الأظانين» - ومكنونة تحت ذلك مقابلة تحمل معنى الأسف الروحي وعتاب النفس، يكره أن يكون ندما على اتباع ما اتبع، ويقارب ذلك الندم، رحمه الله، وسقت قبره شأبيب المغفرة والرضوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>