للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبطأ عني والمنايا سريعة ... وللموت ظفر قد أطل وناب

فإن لم يكن ود قريب نعده ... ولا نسب بين الرجال قراب

فأحوط للإسلام أن لا يضيعني ... ولي عنه فيه حوطة ومناب

وحيث قال

تنكر سيف الدين لما عتبته ... وعرض بي تحت الكلام وقرعا

فقولا له من صادق الود إنني ... جعلتك مما رابني منك مفزعًا

ولأبي فراس في هذا الباب كلمات من رومياته (١). وقد أخذ من أبي الطيب وحذا على نموذجه. إلا أن البارودي كما تأثر بأبي الطيب تأثر به أيضًا. وزاد من قوة تأثيره على البارودي، إنه كان أسيرًا ولم يخف سيف الدولة إلى نجدته، وكان البارودي بمنفاه في نوع من الأسر المر، ولم يخف السراة إلى نجدته ورعاية سابقته وقوله «أضعتموني» لا يخفى أنه من قول العرجي، وكان من فرسان بني أمية من ذرية أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم ملمة وسداد ثغر

وفي هذا القسم بعد رفرفة من أبي تمام ومن غيلان ومن أبي الطيب ومن غير هؤلاء من مأثور أساليب أهل الجزالة القدماء. فمن نفس أبي الطيب وأصدائه:

[مرت علينا تهادى في صواحبها]

فهو كقوله: «مرت بنا بين تربيها فقلت لها البيت» وقوله «في صواحبها» فيه شيء من ابن أبي ربيعة بلا ريب. قوله «كالبدر في هالة إلخ» كثير مثله في الشعر إلا أن الصياغة فيها نغم بوصيري: «كالزهر في ترف والبدر في شرف» - الشبه قوله: «البدر في» ثم جاء بقوله «حفت» وقوله «الشهب»، أبت شين الشرف وفاؤه إلا أن تنما بأنفسها


(١) مثل قوله: دعوتك للجفن القريح المسهد لدى وللنوم القليل المشرد.
ومثل قوله
أسيف الهدى وقريع العرب ... إلام الجفاء وفيم الغضب

<<  <  ج: ص:  >  >>