فكرة الدفاع عن الوطن مع الدفاع عن الدين معنى قديم عند العربي المسلم. ومع هذا، لا أحسب قوله «وعن وطني» هنا خاليًا من معنى روح الوطنية الحديثة التي إنما كانت ثورة عرابي باشا من بعض انفجاراتها وسائر الثورات التي جاءت من بعد.
في كتاب الدكتور محمد صبري السوربوني أدب وتاريخ في الفصل الذي جعله للبارودي، قال (ص ٧٢ - ٧٧): روى الكاتب (١): «ومر بقصر الجزيرة بعد عودته من سيلان فتذكر أيام إسماعيل ونظم معتبرًا ومذكرًا:
هل بالحمى عن سرير الملك من يزع ... هيهات قد ذهب المتبوع والتبع
هذى الجزيرة فأنظر هل ترى أحدًا ... ينأى به الخوف أو يدنو به الطمع
أضحت خلاء وكانت قبل منزلة ... للملك منها لوفد العز مرتبع
فلا مجيب يرد القول عن نبأ ... ولا سميع إذا ناديت يستمع
كانت منازل أملاك إذا صدعوا ... بالأمر كادت قلوب الناس تنصدع
عاثوا بها حقبة حتى إذا نهضت ... طير الحوادث في أوكارها وقعوا
لو أنهم علموا مقدار ما فغرت ... به الحوادث ما شادوا ولا رفعوا
دارت عليهم رحى الأيام فانشعبوا ... أيدي سبا وتخلت عنهم الشيع
كانت لهم عصب يستدفعون بها ... كيد العدو فما ضروا وما نفعوا
(١) كاتب في عدد المنار ٧ - ١ - ١٩٠٥ يرجع السور بوني رحمه الله أنه السيد حسين رضا رحمه الله.