أنا لولا أن لي من أمتي ... خاذلاً ما بت أشكو النوبا
أمة قدفت في ساعدها ... بغضها الأهل وحب الغربا
تعشق الألقاب في غير العلي ... وتفدي بالنفوس الرتبا
وهي والأحداث تستهدفها ... تعشق اللهو وتهوى الطربا
لا تبالي لعب القوم بها ... أم بها صرف الليالي لعبا
فهذا خاتمة لومه أمته التي أحوالها المؤسفة هي سبب شكواه الدهر. البيتان الأولان ثانيهما متم معنى أولهما وأولهما ممهد لتاليهما، متضمن سؤالاً فيه جوابه- إذ السؤال كيف خذلتك أمتك؟ والجواب أنني أدعو إلى حب الأهل وبغض الأجانب وهي لا تطاوعني على ذلك. وكلمة الغرباء لا تؤدي معنى الأجانب، أجانب أوروبا وخاصة البريطانيين المستعمرين، ولكن حافظًا لم يجد غيرها. وكلمة الأهل أيضًا لا تؤدي معنى المواطنين. ولكن مراد الشاعر مع هذا ظاهر. ثم «في الأهل والغرباء» نوع من نفس بلدي شعبي، يوهم بأن الشاعر قد قصد إلى هذين اللفظين قصدًا، ولم يلجئه إليهما عجز أو إعياء. قوله «وتفدي بالنفوس الرتبا» إن هي إلا إطناب في معنى صدر البيت «تعشق الألقاب في غير العلى» وصدر البيت أوفى. وهل أراد حافظ لغير العلى تفسيرًا بقوله «وتفدي بالنفوس الرتبا»؟ فالرتب من العلى. وكأن حافظ يسخر من هذا الذي يتوهمه كلاب الرتب أن فيها العلى. والتعبير بعد صحفي لأن قوله «وتفدي بالنفوس» إنما أراد به تبذل المجهود العظيم من أجل الحصول على الرتب، فكأنه النفيس الذي يفدى بالنفس والنفيس. وقوله «تهوى الطربا: أجود لو قال وتهوى اللعب، لأن اللهو واللعب مصطحبان، وعلى ذلك وبه جاء بيان القرآن. ولكن حافظًا احتاج إلى اللعب في البيت التالي، ليهزأ من أذناب الاستعمار الذين لهم في الدولة مكان، أنهم قد سمحوا للقوم أي الإنجليز أن يعبثوا بمصالح مصر، ثم ما كان لهم عند أنفسهم من اعتذار إلا أن ينسبوا ما حل بهم وبأمتهم إلى صروف الليالي، «وتلك الأيام نداولها بين الناس» - وإذا تأملنا جانب الخطابة الهازئة في «لا تبالي لعب القوم» - وسر الهزؤ كله في القوم الذين هم أيضًا صرف الليالي، تبين لنا أن حافظًا لعله مصيب في ادخار كلمة اللعب، ليكون اللهو الذي هو طرب منهم واللعب المصاحب معه، من القوم ومن الدهر المهيمنين عليهم.
ثم أخذ حافظ يقص قصة اليابان على لسان رمز ضمنه معنى الحرية متمثلاً في المرأة الجندركية الباسلة، ثم في مشاركتها للرجل في تحمل الأخطار والنهوض بما تطلبه