للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا ضيعة الدنيا إذا لم يكن بها ... غنى عنك للمحزون حين يثور

ويا ضيعة النفس التي لا يجيرها ... من البث والشكوى سواك مجبر

لا يخفى أن الشاعر ها هنا تقمص شيئًا من روح «الحسناء بلا رحمة» - منظومة كيتس التي ترجمناها، ونبهنا القارئ الكريم إلى ما فيها من معاني الرومنسية التي تعطو بيدها إلى ما لا ينال، والحسناء التي تمتص دم المحبين، وتعطيهم الحلم الذي يسلب منهم من بعد كل منام.

إذا الشمس غابت لا نبالي غيابها ... وإن غبت آض العيش وهو كدور

ناقض الشاعر نفسه في كلمة واحدة، وهذا مما لم يجزه قدامة. وقد يعتذر له عاذره بأن هذا إضراب أضرب به عما تقدم- أي أحبك حب الشمس كلا، بل لا نبالي غياب الشمس، وتأمل ضمير الجمع للمتكلم ههنا. ويقوى هذا الوجه قوله من بعد:

وليتك مثل الشمس ما فيك مطمع ... فيهدأ قلب بالضلال نفور

نفور ها هنا شديدة القلق. كيف يكون نفورًا بسبب الضلال أو مع وهل النفور هو المقابل للهدوء؟

قربت ولم يخطئ عطاش تلهفوا ... على جدول في السمع منه خرير

وسرت على الأرض التي أنا سائر ... عليها ولم تضرب عليك ستور

ولو لم نول القلب شطرك لامنا ... على الجهل كون بالجمال فخور

هنا أنفاس «رومنسية» الخالع على مظاهر الطبيعة عنصرًا من الحيوية يستحق التقديس لذاته. وهذه الأبيات الثلاثة لعلها غرة القصيدة:

لديك مقاليد السرور وديعة ... وما لمحب في سواك سرور

فإن تأذن الدينا أباحت شوارها ... وغنت عصافير وفاح عبير

فسر الشوار في الهامش [ديوان العقاد، المجلد الأول، لبنان ص ٢٠١]- «شوار العروس جهازها». والشوار المتاع، قال عبدة بن الطبيب:

ومزجيات بأكوار محملة ... شوارهن خلال القوم محمول

قال الشارح وأصل الشوار متاع البيت. ولا يزال هكذا معناه في بعض الدارجة. وقد يستعمل استعمالاً مجازيًا وفي خبر الزباء: «أشوار عروس ترى» قالته لجذيمة لما

<<  <  ج: ص:  >  >>