للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الأحياء غنوا واطربوا ... وانهبوا من غفلات الدهر ساعا

آه ما أروعها من ليلة ... فاض في أرجائها السحر وشاعا

نفخ الحب بها من روحه ... ورمى عن سرها الخافي القناعا

وجلا من صور الحسن لنا ... عبقريا لبق الفن صناعا

ثم إذا بمعنى آخر يجيء- الهاجر والهجران والملاح التائه:

أيها الهاجر غز الملتقى ... وأذبت القلب صدا وامتناعًا

أدرك التائه في بحر الهوى ... قبل أن يقتله الموج صراعًا

البحر هنا مجازي لفظي وبحر كلردج أيضًا مجازي إلا أنه ليس منحصر المجازية في اللفظ.

وارع في الدنيا طريدًا شاردًا ... عنه ضاقت رقعة الأرض اتساعًا

فقد صار البحر أرضًا، وقد يعتذر معتذر عن هذا بأن البحر في كوكب اسمه الأرض، والشاعر مهندس علمي عقله- يذكر القارئ الكريم أصلحه الله قول أبي الطيب:

عربي لسانه فلسفي ... رأيه فارسية أعياده

نعم الأرض ها هنا هي الكوكب الجغرافي لا أرض الشعراء التراب

ضل في الأرض سراه ومضى ... لا يرى في أفق منه شعاعًا

يجتوى اللافح من حرقته ... وعذاب يشعل الروح التياعا

والأسى الخالد من ماض عفا ... والهوى الثائر في قلب تداعى

فاجعل البحر أمانًا حوله ... واملأ السهل سلامًا واليفاعا

وامسح الآن على آلامه ... بيد الرفق التي تمحو الدماعا

وقد الفلك إلى بر الرضى ... وانشر الحب على الفلك شراعًا

صار البحر غير مجازي وله بر كما ترى- وصار ملاح المهندس التائه يترنم بأصداء همزية

أمير الشعراء:

رب إن شئت فالفضاء مضيق ... وإذا شئت فالمضيق فضاء

فاجعل البحر عصمة وابعث الرحـ ... ـمة فيها الرياح والأنواء

وهل العصمة والرحمة هنا لهما لون انجيلي مسيحي؟ وهل في كلم المهندس شيء من نظر إلى القسيس المعدوم فلم تجد روح ملاح كلردج من يصلي لها وهي في غرغرة النزاع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>