للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النمري، [نسبة إلى النمر]. وقد لاحظ بر تراند رسل «أن» الرومنسيين يعجبهم الجمال الشرس كجمال النمر الذي أعجب وليم بليك، ولا يفطنون للجمال النافع كجمال حقل القمح. وفي متن هذه الأبيات التي أوردنا بعض الوهي. وشعر التني رحمه الله في جملته لا بأس به وله في المدائح هو آخر ما نظمه، خرج فيه من الرومنسية التي من هذا الضرب إلى نوع من التدين قريب معدنه من الضرب الأول. وأكثر نشأة رجال الفكر في بلادنا كانت في أوساط دينية- وقديما قال الشاعر:

كل امرئ راجع يوما لشيمته ... ولو تخلق أخلاقنا إلى حين

رحمه الله ووكفت على جدثه شآبيب الغفران.

ما صنعه الأستاذ محمد المهدي مجذوب رحمه الله في كلمته «صل يا رب (١) على المدثر» مختلف عن هذا الذي صنعه التني رحمه الله إذ هو لم يرجع لتقيده قريش بأحساب الكرام وتميم. الإشارة هنا إلى قوله (٢):

فليتني في الزنوج ولي رباب ... تميل به خطاي وتستقيم

طليق لا تقيدني ... بأحساب الكرام ولا تميم

فقوله فليتني بان القيد مازال معه. فليتأمل جوانب منه. وليفصح عن محافظته وثورة وجدانه وافتنانه، افتنان المصور الدقيق عن كل ذلك معا، وليظل بعد ذلك جامعًا بين الرومنسية الثالثة وروح النهضة ثم متجاوزًا من بعد إلى ضروب من النهج الجديد.

ولا يخفي أن جانب النهضة يصحبه كما تقدم وصفنا له تجويد في متن النظم وحرص على نقاء الديباجة ومذهب الجزالة وأن ذلك قل إن يتفق مثله في الرومنسيتين الثانية والثالثة.

واعلم أيها القارئ الكريم اصلحك الله أن شأن الموجة التجديدية تخرج من بلاد العرب التي سبقت بالنهضة في مصر على الأخص إذ كانت حقا هي القائد في هذا الباب، تتأثر بها بلاد العربية الأخرى، وسرعان ما تلحق بها موجة تالية من


(١) من ديوانه نار المجاذيب، طبع الخرطوم ١٩٦٩.
(٢) من قصيدته «لزيم الجور من أسفي لزيم» في ديوانه نار الجاذيب.
هذا شعر المغرب العربي الأقصى وبلاد شنقيط وشعر الجزيرة العربية بأسرها نجدها وحجازها وعروضها وتهامتها ويمنها وأحقافها وعدنها وخليجها وعمانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>