للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندنا يا معشر العصريين. كأن هنا نوعًا من الملاقاة بين هذا الضرب الرابع المتأعصر والأول المدافع المتحدي:

فيك ما فيه من غموض وعمق ... وجمال مقدس معبود

أنت ما أنت أنت فجر من السحـ ... ـر تجلى لقلبي المعمود

وفجر هنا ترف عليها طيوف من الصلاة وصوت المؤذن «الصلاة خير من النوم». والفجر أول بدء الإسفار حق جميل. وأكثر ما يذكر الفرنجة «Dawn» يعنون به ضوء الصباح، وكذلك Aube الفرنسية، والصلاة عند ذلك ليست بأداء ولكن قضاء- أعني صلاة الغداة المفروضة.

ثم تجئ أنواع من التكرار. وقد أدار الشابي معاني قصيدته كلها على خطابة لفظية تعطوا بيد ولا تستطيع التناول حقا من ثمرات ما يخيل إليه أنه هو التفطير المتحضر الفني العصري. الغناء بالطبيعة المشبهة بها هذه الحسناء ينقصه التأمل. ليس فيه حديث المعرفة بالطبيعة التي ينبعث منها الإيحاء بالحب لها، والاتحاد القبلي مع جمالها. هذا واضح عند «كيتس» وواضح أيضا في ريح «شيلي» الغربية إذ هو لا يكتفي بالخطابة اللفظية ولكنه يتأمل الطبيعة نغسها ويضع أنامل تأمله على تفاصيلها- الأوراق الميتة المتطايرة صفرا وسودا وشواحب وقانيات، والحبوب المجنحة التي تستطردها الريح في مركباتها إلى مراقدها الشتوية المظلمة .......

Loosc clouds likc carth's dccaying lcaves arc shcd, ...

Shook from the langlcd boughs of Heaven and Occan,

(١) Angels of rain and lightning

واضح في شعر «وردزورث» عن ضروب الأزهار وضروب مناظر الريف- الفتاة الجبلية مثلا، لا بل واضح في شعر إيليا أبي ماضي على شح ما فيه بالنسبة إلى هؤلاء- ذكر التراب والجدول والقطرة والآزر والزنبق والسوس وحقل القمح والشمس والبدر والنجوم والجبال والعشب والندى والجنى والشجر والربيع والوحل والشتاء. ولا يزعمن واعم أن لبنان بحسنها هي التي أوحت جميع هذا إلى شاعرها المشتاق الآئب، نعم حسنها لا ريب فيه. ولكن تونس الخضراء هي أيضا جميلة وفيها ضروب من


(١) أنت يا من في مجراها وسط جرف هيجان الجو السحيق- ترى هلهلة أهداف السحاب كما يساقط الورق على الأرض الذابل- نهز ملائكة الحياة والبروق هزًا من أغصان السماء والبحر المتشابكة. «من الريح الغربية للشاعر شيلي».

<<  <  ج: ص:  >  >>