للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الحضري للبدوي:

يا بدوي عيشكم جديب ... يزوركم في كل يوم ذيب

فسر معي أدخلك في المدينة ... وانظر إلى خيراتها والزينة

تلق بها الطب وجمع المال ... ومسرح الآداب والجمال

أبناؤنا شغلهم المدارس ... بهم يعز القطر والمجالس

ولا يسع المرء إلا أن يقول على وجه الإجمال إن الشعر التعليمي تغلب عليه الرداءة والجفاف إلا ما ندر كمنظومات الشيخ البناء والصابي وشوقي، وهذا لا حكم له.

هذا, وقد حاول بعض المعاصرين أن يحيوا من موات الرجز ويعودوا به إلى حالته المشطورة القديمة قبل أن يعبث به التعليميون. من هؤلاء المرحوم الرافعي؛ في بعض هجائياته، والأستاذ العقاد في قطع من ديوانه الأول. ومن عجيب الأمر أن الدكتور طه حسين، وهو لا ينظم الشعر، قد جاء بشيء منه في أثناء كتابه "على هامش السيرة" الأول (١)، وهو قوله:

لا هم قد لبيت من دعاني ... وجئت سعي المسرع العجلان

يتبعني الحرث غير وان ... ثبت اليقين الصادق الإيمان

لا هم فتلصدق لنا الأماني

وفي الشعراء السودانيين المعاصرين جماعة يحسنون هذا الصنف من النظم. ولكنهم يذهبون به مذهب البداوة. وذلك يناسب السودان، وإن كان لا يناسب كثيرًا غيره من بلاد العربية. ولا يحضرني شيء من أشعارهم فأستشهد به.


(١) في فصل حفر زمزم، وقد أكد لي الأستاذ الفاضل محمد عبده عزام أن هذه الأبيات من نظم الدكتور طه. ويؤيد هذا أنها ليست في سيرة ابن هشام كما أن قوله "لا هم فلتصدق لنا الأماني" ليس من التعابير الجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>