للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجئت للقصر أنادي به ... معبودة غابت بأستاره

فأطرق القصر كجفن حزين ... وماتت الأصداء في وحشته

وضحت العذراء في ضمنه ... ضجتها الكبرى على غفلته

قوله: «فأطرق القصر» من قول حبيب:

لقد أطرق الربع المحيل لفقدهم ... وبينهم إطراق ثكلان فاقد

وأبقوا لضيف الحزن مني بعدهم ... قرى من جوى سار وطيف مباعد

سقته ذعافا عادة الدهر فيهم ... وسم الليالي فوق سم الأساود

موضع الشاهد إطراق الربع الذي تحول إطراق قصر ماتت فيه الأصداء، وهذا متفرع من «سقته ذعافًا عادة الدهر». وعذراء محمود حسن إسماعيل ذات الضجة من بكر أبي تمام التي ما «افترعتها كف حادثة»، بدليل قوله «الضجة الكبرى» مكان «الراحة الكبرى» في بيت حبيب:

بصرت بالراحة الكبرة فلم ترها ... تنال إلا على جسر من التعب

ثم مع هذا إشارات إلى أخبار قديمة. «وجئت للقصر» فيه ذرء من خبر المرقش وفاطمة بنت المنذر وابنة عجلان. ولا ريب قرأ محمود حسن إسماعيل فضليات شاكر وعبد السلام هارون. وغفلة القصر أو الولي إن شئت وضجة العذراء، في ذلك معنى من خبر همام بن مرة وبناته اللاتي احتججن على غفلته عن حاجة من يكن مثلهن إلى الزواج: «أهمام بن مرة إن همي»، الأبيات وانظر القاموس مادة (قناف كغراب وكتاب).

وقال في أول كلمة عنوانها «وقفة حيال القصر» في ديوانه أغاني الكوخ:

يا صرخة الأعصاب لا تهدئي ... في مهجة المحروم عند مورده

فالنار ما زالت على مضجعي ... تذكى بخور القلب في معبده

ثم قال من بعد:

ظمآن يا بؤسي ويا شقوتي ... والمنبع الصافي لثغري قريب

تروح روحي حول سلساله ... فيختفي عنها كأني غريب

فههنا إلحاح أخذ من أبي تمام. الشاعر الرومنسي واقف عند القصر نحوًا من وقفة أبي تمام في «أطرق الربع إلخ» وجزع كجزع أبي تمام حيث قال:

ها إن هذا موقف الجازع ... أقوى وسؤر الزمن الفاجع

وبخور القلب من قبيلة استعارات أبي تمام، أي القلب الذي صار بخورًا في

<<  <  ج: ص:  >  >>