للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعارفون به المتحدثون عنه في مجالسهم كثيرون. ومما فيه ظلال فارس حسناء كيتس التي بلا رحمة «La Belle Dame Sans Merci»: -

وأي ما أي وما أمرها ... والقصر في إغفاءة الذاهل

والهاتف المحروم لما يزل ... يشكو الهوى في ذلة السائل

وسؤال «أي» صدى من دروس النحو:

أي كما وأعربت ما لم تضف ... وصدر وصلها ضمير انحذف

وعارض في موصليتها أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب فيما نقلوا.

وفي «كنز الذهب الأبيض، زهرة القطن» (ص ٢٢ من أغاني الكوخ الطبعة الثانية ١٩٦٧):

وبدت صفراء تحكى غادة ... ذبلت نضرتها يوم الوداع

هذا التشبيه غير جيد لأن نوارة القطم «فاقع» لونها تسر الناظرين» وقد رجع هو نفسه من بعد إلى هذا المعنى:

تخفق النسمة في أهدابها ... خفقة العاشق في ليل الزماع

فسره بالسفر، أحسبه ينظر إلى كلمة ابن زريق «إذا الزماع أراه في الرحيل غني» والزماع بفتح الزاي وكسرها هو العزم فظن أنه السفر وما ظنه يحتمل أي العزم على السفر:

فتراها في الربى راقصة ... زانها الضوء بزهو والتماع

فهذا رجوعه «فاقع لونها» لا ذابلة نضرتها. ونريد أن نشير بعد إلى خفقة النسمة، فهل أخذها من إبراهيم ناجي «خفقة المصباح» إذ ينضب زيته» وهي مما عسى أن يحسب من حسان كلماته ومرت في باب الرمل في جزئنا الأول.

ولمحمود حسن إسماعيل مثل التجاني يوسف بشير ولع بصفة الريف والجرار والسواقي. وعندي أنه، حاكى التجاني، إذ التجاني نشر عددًا من قصائده في مجلة الفجر وكانت غير مجهولة المكان بمصر. وقد دار نقاش لم يخل من حدة بين رئيس تحرير الفجر عرفات محمد عبد الله والأمير عمر طوسون رحمهما الله، كان من أسبابه أن الأمير لم يرض بعض ما جاء في الفجر من الحديث عن تقرير المصير وما يشعر بروح الانفصال عن مصر وإنما نشر ديوان محمود حسن إسماعيل عام ١٩٣٥ قريبًا من زمان انتهاء الفجر وموت عرفات محمد عبد الله وفجره التي ماتت بعيد موته.

وبلغني ولا أشك في صحته لتواتره أن التجاني رحمه الله كان قد بعث بنسخة من ديوانه خطية إلى أحد الأدباء الشعراء بمصر ليتولى نشره والإشراف على ذلك من أمره، فيذكر أن الديوان كان يقرأ ولا يجد سبيلا إلى نشره حتى استردت نسخته بعد عناء

<<  <  ج: ص:  >  >>