للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الصلاة في المرة الأولى بنغم واحد وفي المرة الثانية بنغم مختلف بعضهم يطيله ويموجه وبعضهم يقصره ويبتره- حي على الصلاة ... ة- كما يعلم القارئ أصلحه الله من أداء المؤذن على ترنيمتين أيما وجه من وجوه أداء الأذان اتخذ، أمبالغًا في تحكيك الترنم وترجيعه أن غير محكك في ذلك ولا مبالغ. قول. التجاني «ساحبات على الكهنود» أي على السحاب في الفق وهي رائيه أبي الطيب (باد هواك صبرت أم لم تصبرا) حيث قال:

الشمس تشرق والسخاب كنهورًا

وقد سبق منا التنبيه على جري التجاني في هذا على مذهب له في الإشارة، مع أن كلمة التجاني اليائية هذه في الفجر تراه قد استهلها بفيض ضوء القمر، وهذا المعنى واللفظ أيضًا كلاهما في قول محمود حسن إسماعيل:

لمعات من وجنة القمر الزا ... هي ومن فيض ثغره العسجدي

وكلمة فيض ههنا نهامة. ومكان «واغمر القلب» عنده- أي محمود حسن إسماعيل «غرقت في جلاله الروح». وكأن قول التجاني «جم الندى» نتجت منه «من طلا جامه» و «الوضيء السني» كأنهما ترجمة وتفسير ومحاكاة «لجم الندى عبقري» وقول التجاني «يثب الحلم» يقابله عند محمود حسن إسماعيل «تنهل الحلم إلخ» وجاءت كلمة «الرؤى» في هذا البيت وهي في بيت التجاني الذي يلي «كم تظل الرؤى به شارعات إلخ» «ولفها الليل» التي في أول كلام محمود حسن إسماعيل هي في قول التجاني «يتلففن في جوانح بيضاء» وللقارئ بعد هذا أن يتتبع الأبيات ويوازن بين ألفاظها ومعانيها فإنه واجد من شدة التشابه عجبًا. فلا بد من القول بأن أحد الشاعرين أغار على الآخر. ولقد مات التجاني وهو ابن خمس وعشرين وديوانه الذي خطه بيده يقرأ عند من أودع عنده في مدينة القاهرة وبعض شعر التجاني قد كان صدر في الفجر شيء منه قبل صدور الطبعة الأولى من أغاني الكوخ، فالأمر يحتاج إلى تدبر ونظر- والله تعالى أعلم. لا يخفى أن كلام التجاني أصيل من عند نفسه ليس بتلفيقي. ومع ما يظهر من زيادة محمود حسن إسماعيل على التجاني في التفاصيل نزعم أن المتأمل ربما وجد أن التجاني أكثر استيعابًا لمناظر القرية. الصبي- تلميذ الخلوة ودواته وأثوابه- غسل النوم ودغدغة العينين أول الاستيقاظ عند الصباح. ثم أخذ الصور البيانية من حياة القرية المسلمة- الدير مأخوذ من كلام ابن المعتز.

إنما وقفنا هذه الوقفة عندما ترى ترجيحه من تلفيقة محمود حسن إسماعيل وتعمده معاني التجاني وتفصيله لها لأن محمود حسن إسماعيل قد أوشك أن يكون مكانه في

<<  <  ج: ص:  >  >>