للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا غريب والترجمة نثر وابن الأثير أجاز الغريب في الشهر النثر. وقوله «وجميع أخباري مصورة» يؤكد ما زعمناه من صحيفة التعبير إذ الصحف صناعتها نقل الأخبار. وقوله: «وستارتان إذا تحركتا» مأخوذ من طول العينين أي طول أهدابهما الذي ذكره بودلير وإنما هي أمثال هذه العبارات التي تبين لنا الأخذ ومواضعه. و» تحركتا» ترشيح لقوله «وستارتان» ولكنه غير مناسب لصفة العينين والهدب المغدف- ذكرنا المغدف هما نشير به إلى قوة عنترة:

إن تغدفي دوني القناع فإنني ... طب بأخذ الفارس المستلئم

وما ذكر عنترة إغداف القناع إلا وهو مشربه ظلالاً من إغداف العينين أهدابهما. وقال امرؤ القيس:

.. كمرآة الصناع تديرها ... لمحجرها من النصيف المنقب

في قوله «تحركتا» ثقل وأنفاس صحفية. وقوله «أبصرت وجهه الله» فيه نظر- عبارة البخاري حين يرتاب، وقوله: «خلفهما» آبدة فإن وجه الله سبحانه وتعالى، على معنى سلفي أو أشعري أو صوفي أو حتى على مذهب من وحدة الوجود، أو على محض التوسع في التعبير والمجاز، لا يمكن أن يوصف «بخلف كذا أو كذا» وإن يكن ذلك عيني فينوس نفسها التي زعم لها كفارهم أنها ربة. لو قال فيهما لشعر على ما في ذلك من نظر، ولكن القافية لم توات. وقوله:

كوخان عند البحر هل سنة ... إ قضيت الصيف عندهما

فهذا بودليري من بودلير مأخوذًا أخذًا، بحره وصيفه وقضاء الصيف عنده ألا يقول بودلير ما عسى معناه: «بعد الأسف على فوت الصيف ذي الجفء والنصوع؟ » وقوله: «كوخان» ليس بمليح. وهل ألمعت به «كورت تاش» «Courte tache» برنة نطثفها المقاربة لـ» كوخ» ثم معناها ليس عن معنى الكوخ ببعيد إذ الكوخ واجب قصير، كدح قصير، فسر المعجم «تاش» بأنها العمل المعين الذي يلزم أداؤه، وما أراد بودلير إلا أن هذه الحياة واجب قصير وفي هذا التعبير غرابة وبراعة إذ الواجب يراد قصره والحياة يراد طولها ولكن المعري يقول:

تعب هذه الحياة فما أعـ ... ـجب إلا من راغب في ازدياد

<<  <  ج: ص:  >  >>