للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول أبو الطيب

وإذا الشيخ قال أف فما مل ... حياة وإنما الضعف ملا

وقد أخذنا على الشاعر من قبل جعله العينين كوخين وأراد كما لا يخفى معنى الخصوصية ولكنها خصوصية من نوع سياحي قصير الأمد، عينا الجميلة ولو لمحة أبد طويل ولله در كيتس إذ يقول:

A thing of beauty is a joy for ever

» الشيء الجميل سرور خالد أبدًا» = هذا تقريب وتعريب لمعنى ما قاله:

ولكن شدة تقصي نزاع لاتباع معاني بودلير ألجأه إلى جعل عيني جميلته شيئًا صحفيًا خبريًا عابريًا يكون مع عطلة الصيف كبعض هذه الأكواخ التي تستأجر لتكون سترة رحلة متعة محدودة الأمد. وقوله: «الشمس منذ رحلت مطفأة» مأخوذ من موضعين من كلمة بودلير- من موضع ذكر الوداع في الجزء الأول في آخره ومن موضع ذكر الشمس افلة في الأربعة الثانية من الجزء الثاني في آخرها- «والأرض غير الأرض» من سورة إبراهيم، من آخرها.

أزال نزار العبوس اللاغب البودليري وبدله صحافة تتجمل بالمبالغة «إني منهما لهما» وروم الاقتباس «والأرض غير الأرض» - وانطفاء الشمس وتبديل الأورض غير الأرض، ذلك قيام الساعة والفزع الأكبر ولا يناسب موضوع الفراق أو الوداع الذي للغرام- فرط المبالغة في هذا الباب ليس بمليح، وإنما تكون معه الرقة هي المعنى المليح، قال البحتري رحمه الله:

دنت عند الوداع لوشك بين ... دنو الشمس تجنح للأصيل

وصدت لا الوصال لها بقصد ... ولا الإسعاف منها بالمخيل

وذكرنيك والذكرى عناء ... مشابه فيك بينة الشكول

نسيم الروض في ريح شمال ... وصوب المزن في راح شمول

أين هذا الضرب من الذكرى من ذلك الذي يقرن شاعرة تساقط أوراق خريفه بخشبات تتساقط ليسمرها نجار صناديق جنائز الإعدام

عذيري من عذول فيك يلحى ... على ألا عذير من عذول

ثم ماذا؟ كما كان يقول الدكتور زكي مبارك رحمه الله الرحمة الواسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>