للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذاه على نهج أبي الطيب:

وأجياد غزلان كجيدك زرنني ... فلم أتبين عاطلاً من مطوق

يجوز أن يكون أرد معنى العفة وغض الصر ويجوز أن يكون أراد أنه بهره الجمال حتى حار فلم يتبين عاطلاً من مطوق. وأحسب أن ابن عثيمين لو قال: «لم أتبين قائمًا من مهدم» كان أجود- «جدارًا يريد أن ينقض فأقامه الآية» - ولا بأس بما قال:

وكقوله رحمه الله في قصيدة قافية تفتري بحر غيلان ورويه في كلمته: «أدارًا بحزوى إلخ»: -

أرقت لبرق ناصب يتألق ... إذا ماهفا ظليت بالدمع أشرق

ظليت أي ظللت وهي عربية فصيحة ويقال ظلت وظلت بكسر الظاء وبفتحها أيضًا وأحسب أن الشاعر فر إلى الياء ليتجنب زحاف القبض في ثاني أجزاء العجز ولو أقدم عليه ما ضره

إذا فاض لم آملك سوابق عبرة ... تحم لها الأحشاء والقلب يخفق

أمد له طرفي ومن دون ومضه ... خبوت وأحقاف وبيداء سملق

ومجهلة للجن في عرصاتها ... عزيف يراع الذئب منه ويفرق

ها هنا روح من غيلان وهو القائل «للجن بالليل في حافاتها زجل البيت»، وكقوله:

تسمع في تيهائه الأفلال ... فنين من لهاله الأغوال

ولا عجب أن يتبع عثيمين رحمه الله نهج غيلان رحمه الله ففي ترجمته التي في صدر ديوانه أنه ولد بالخرج وفي الخرج قول غيلان يصف مية في بعض ما وصفها به في بعض تشبيهاته: -

مهطولة من خزامي الخرج هيجها ... من صوب غادية لوثاء تهميم (١)

وقد مرت الأبيات. وقال ابن عثيمين رحمه الله من كلمة أخرى:

خليلي مرا بي على الدار واربعًا ... لنشعب قلبًا بالفراق تصدعًا

وإن أنتما لم تسعداني على الأسى ... فلا تعدماني وقفة وتوجعا

بمستوحش من شبه آرام عينه ... تناوح فيه الهوج بدءًا ورجعًا

أي تتناوح فيه الرياح الهوج


(١) أو خرقاء ويقال إن خرقاء هي مية والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>